jeudi 2 mars 2017

تفسير القرآن الكريم



Match objects Date
تفسير القرآن الكريم المرئي - سورة الأنفال 008 - الدرس (01-30): تفسير الآية 1 بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات. ورود كلمة يسألونك في القرآن الكريم في آيات كثيرة: أيها الأخوة الكرام... مع الدرس الأول من دروس سورة الأنفال، ومع الآية الأولى وهي قوله تعالى: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ أولاً أيها الأخوة، كلمة ﴿ يَسْأَلُونَكَ ﴾ وردت في القرآن الكريم في آيات كثيرة تزيد عن عشر آيات، لكن الذي يلفت النظر أن بين السؤال والجواب كلمة ﴿ قُلِ ﴾ ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ ﴾ لهم يا محمد ﴿ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ ﴾ ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ ﴾ ( سورة البقرة الآية: 219 ) ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ﴾ ( سورة البقرة الآية: 222 ) إذاً جاءت كلمة قل متوسطة بين السؤال والجواب. لا وساطة بين العبد وربه فالله تعالى لكل عباده: إلا أن آية واحدة تلفت النظر وتعلمنا الكثير، وهي قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ﴾ ( سورة البقرة الآية: 186 ) لم تأتِ كلمة قل، وكأن العلماء استنبطوا أنه لا وساطة بين العبد وربه أبداً، ليس بينك وبين الله وسيط. ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ ( سورة البقرة ) أيها الأخوة الكرام، هذه الآية تعطينا دافعاً كبيراً إلى أن نسأل الله وحده، تعطينا دافعاً كبيراً إلى أن نناجي الله وحده، تعطينا دافعاً كبيراً إلى الشعور بأن الله لكل عباده. ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ ( سورة الحجرات الآية: 13 ) الجواب يحدد حيز السؤال: أيها الأخوة، لكن السؤال يقتضي سائلاً، هم أصحاب رسول الله، ويقتضي مسؤولاً هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ﴿ يَسْأَلُونَكَ ﴾ ويقتضي مسؤولاً عنه أي موضوع السؤال. هناك وقفة متأنية مع موضوع السؤال. أحياناً السؤال يحدد حيز الجواب، أنا أسالك: ماذا أكلت البارحة قبل أن تنام ؟ في السؤال تحديد دقيق للجواب، أريد أن تقول لي: أكلت على طعام المساء كذا وكذا، هذه حالة. أحياناً الجواب يحدد حيز السؤال، مثلاً: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ﴾ يا ترى السؤال لمَ المحيض ؟ ولمَ ينقطع المحيض في سن معين ؟ وما حكمة المحيض ؟ لا، الجواب يحدد حيز السؤال، ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ﴾ أي ما حكم مقاربة المرأة في المحيض ؟ هذا السؤال ما الذي أكده ؟ الجواب، فتارةً السؤال يحدد الجواب، وتارةً الجواب يحدد السؤال. على الغني الذي يستثمر أموال اليتامى أن يستعفف و على الفقير أن يأكل بالمعروف: أيها الأخوة الكرام: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ ﴾ ( سورة البقرة الآية: 220 ) يبدو أن الصحابة الكرام من شدة الورع خافوا أن تختلط أموالهم بأموال اليتامى لقوله تعالى: ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ ﴾ ( سورة الأنعام الآية: 152 ) دع بينك وبين مال اليتيم هامش أمان، الجواب هنا يحدد طبيعة السؤال، ﴿ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ ﴾ لذلك قال بعض العلماء: إذا كان الذي يستثمر أموال اليتيم غنياً فليستعفف، أي يعطيه الربح كله، وإن كان الذي يستثمر أموال اليتيم فقيراً فليأكل بالمعروف، وقد فسر العلماء المعروف بأجر المثل أو الحاجة، أيهما أقل ؟ مثلاً معك مليون ليتيم، ربح المليون أربعمئة ألف، لك النصف، وله النصف، أنت حاجتك في السنة ثلاثمئة ألف، أما نصيبك بالربح فمئتان تأخذ ما لك فقط ، أما لو معك خمسة ملايين و عند العمل بهم ربحوا خمسة ملايين، أنت حاجتك أربعمئة ألف تأخذ حاجتك، الحاجة أو أجر المثل أيهما أقل ؟ معنى: ﴿ وَمَنْ كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ ( سورة النساء الآية: 6 ) الله سبحانه وتعالى جعل القمر تقويماً يقرأه كل البشر: أيها الأخوة: الآن: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ ﴾ ( سورة البقرة الآية: 189 ) البيئة التي كانت حول النبي الكريم أخلاقهم راقية جداً، صحابة نخبة البشر. (( إن الله اختارني واختار لي أصحابي )) [ العقيلي عن أنس ]. أما من حيث المعلومات الفلكية فلا يوجد معلومات فلكية كافية، لو أن الله سبحانه وتعالى قال: الهلال، حينما تكون الأرض بين الشمس والقمر يكون القمر محاقاً، ثم هلالاً ، ثم بدراً، قضية فلكية معقدة جداً، فربنا عز وجل قال: ﴿ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ﴾ ( سورة البقرة الآية: 189 ) هذا القمر تقويم، تقويم يراه كل الناس، يقول لك: ثلاثة بالشهر، أربعة عشر الاستدارة تامة، ستة عشر، حذف من الاستدارة حيزاً صغيراً، فكأن الله سبحانه وتعالى جعل هذا القمر تقويماً يقرأه كل البشر. لكل سؤال سائل ومسؤول ومسؤول عنه: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ ﴾ ( سورة البقرة الآية: 217 ) هل تعتقدون أن السؤال عن عدد الأشهر الحرم ؟ لا. ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ ﴾ ( سورة البقرة الآية: 217 ) فهنا السؤال ما حكم القتال في الأشهر الحرم ؟ إذاً اتفقنا على أن لكل سؤال سائلاً، ومسؤولاً، ومسؤولاً عنه، وأن السؤال أحياناً يحدد حيز الجواب، أو أن الجواب أحياناً يحدد حيز السؤال. الغنائم من فضل الله عز وجل: الآن لو أردنا أن ندخل في الآية الأولى، وهي قوله تعالى: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ ﴾ الأنفال جمع نَفَل، كسبب جمعها أسباب، نَفَل جمعها أنفال. أيها الأخوة : النَفَل هو الغنيمة، والغنيمة ما يؤخذ في الحرب، الدولة المنتصرة تأخذ بعض ما عند العدو من مواد، من أسلحة، من كل أنواع المواد، هذه اسمها غنائم، مفردها غنيمة، لأنها من فضل الله عز وجل، ومن خصائص سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وقد اختصت الغنيمة بهذه الأمة من دون الأمم السابقة، أما النْفل بالسكون فهو الزيادة، النَفَل الغنيمة جمعها أنفال، و النفل الزيادة. ﴿ وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ ﴾ ( سورة الإسراء الآية: 79 ) العقائد في الإسلام توقيفية لا يجوز أن يضاف عليها ولا أن يحذف منها: أيها الأخوة، لكن لأن العقائد في الإسلام توقيفية لا يجوز أن يضاف عليها، ولا أن يحذف منها، لأن العقائد والعبادات توقيفية، لا يمكن أن نضيف أية عبادة من عندنا على العبادات التي شرعها الله عز وجل. لذلك إن أردت أن تقوم بعبادة نافلة ينبغي أن تكون هذه العبادة النافلة من جنس العبادة المفروضة، أي لا تستطيع أن تعمل حركات غير الصلاة و تقول: هذه صلاة، تحب أن تصلي صلاة نافلة تصلي النافلة كالصلاة المفروضة، لكن تنوي أن هاتين الركعتين صلاة نافلة، ينبغي أن تكون العبادة النافلة من جنس العبادة الأصلية، من أجل ألا يحدث في الإسلام ما ليس منه، لأن العقائد في الإسلام توقيفية، لا يضاف عليها، ولا يحذف منها، الله عز وجل أمرنا أن نطور حياتنا. بحياتنا الدنيا إعمار الأرض يقتضي إنشاء السدود أحياناً، استخراج الثروات ، تأمين سكن لكل الناس، إيصال الماء للبيوت، هذه كلها مستجدات ينبغي أن نفعلها، ينبغي أن نعمر الأرض، أن نحل مشكلات الشباب، أن نهيئ بيوتاً للزواج، أن نهيئ فرص عمل، أن ننشئ معاملاً، أن ننشئ سدوداً، أن ننشئ جسوراً، أن ننشئ جامعات. كنت في بلد بعيد في أمريكا الجنوبية زرت سداً هو أكبر سد في العالم، حجز بحيرة وراءه، طولها مئة و ثمانون كيلو متر، هذا السد فيه عشرون عتبة، كل عتبة تساوي محطة حرارية قيمتها خمسمئة مليون دولار، هذا السد يقدم كهرباء بأعلى درجة من القوة، هذا من إعمار الأرض، إنشاء السدود، استخراج الثروات، تصنيع هذه الثروات، إنشاء البيوت، إنشاء المستشفيات، إنشاء الطرق، إنشاء الجسور، هذا من إعمار الأرض. أما في الدين فلا يوجد بدع، الدين توقيفي، ولاسيما عقائد الدين، وعبادات الدين، لذلك لو أن إنساناً تاقت نفسه لعبادة ليست مفروضة، تاقت نفسه لعبادة نافلة، ينبغي أن يؤدي النافلة كما تؤدى العبادة الأصلية، من أجل ألا نحدث في الإسلام تطوراً يغير معالمه. من ابتلي فصبر كان للناس إماماً: أيها الأخوة، نأتي بمثل: سيدنا إبراهيم حينما ابتلي أن يذبح ابنه إسماعيل: ﴿ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ ﴾ ( سورة الصافات ) حينما ابتلي أي امتحنه الله أن يذبح ابنه إسماعيل، ومما يزيد هذا الامتحان صعوبة أنه ما جاء بشكل صريح جاء بشكل رؤيا، قال: ﴿ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ ﴾ ( سورة الصافات الآية: 102 ) ليس الشيء سهلاً، أن إنساناً يذبح ابنه الشاب، وهو نبي، لو أنه قيل له: سيأتي من يذبح ابنك فاصبر، هذا أسهل، أما ينبغي أن تذبحه بيدك، وهو ابنك، وسيدنا إبراهيم لئلا يأتي إلى ابنه هاجس العقوق، لمَ تذبحني ؟ من قال لك ذلك ؟ لئلا يأتي إلى ابنه هاجس العقوق، شرح له القضية، ﴿ قَالَ: يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ ﴾ قال: ﴿ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ﴾ ( سورة الصافات ) بأي مستوى سيدنا إبراهيم ؟ الآن تطلب من إنسان ساكن جانب المسجد احضر درساً فقط، المسجد مدفأ في الشتاء، ومكيف في الصيف، هناك مياه باردة للشرب، وهناك مياه ساخنة للوضوء، والسجاد ثخين، و تحت السجاد مواد من أجل أن تستريح، لكن احضر الدرس، يقول له: اذبح ابنك، نحن لا نحتمل هذا الابتلاء. ﴿ وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً ﴾ ( سورة البقرة الآية: 124 ) متى تكون للناس إماماً ؟ حينما تبتلى فتصبر، ﴿ وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً ﴾ المؤمن الصادق واثق من حكمة الله يتلقى قضاء الله وقدره بالرضا واليقين: أيها الأخوة، الآن دقق: ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا ﴾ ( سورة الصافات الآية: 103 ) الأب النبي الكريم أبو الأنبياء استسلم لهذا الأمر، والابن الشاب البار بوالده ، المؤمن بربه، وبحكمة ربه قال: ﴿ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ﴾ قال: ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ ( سورة الصافات ) ماذا يستنبط لنا ؟ أنه حينما يأتي من قضاء الله وقدره شيء مزعج، أو متعب، أو مؤلم، وتقبله، سريعاً ما ينزاح عنك، أما إذا لم تقبله، تأخر بقاء هذا القضاء والقدر فيك، هذا الدرس، المؤمن الصادق واثق من حكمة الله، واثق من عدل الله، لذلك يتلقى قضاء الله وقدره بالرضا واليقين، من هنا قال سيدنا علي: " الرضا بمكروه القضاء أرفع درجات اليقين ". ﴿ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ درس بليغ لنا. قصص الأنبياء توجيه وعبرة لنا: أنا أتمنى عليكم ألا تفهموا أن هذا القرآن فقط كتاب مقدس، تقرأه تعبداً، هذا منهج لنا. أؤكد لكم ثانية أن قصص الأنبياء الذين مضوا هي لنا، درس لنا، توجيه لنا، فإذا قبلت قضاء الله وقدره سريعاً ما تحل المشكلة. أيها الأخوة، قال النبي الكريم: (( عَجَبا لأمر المؤمن ! إنَّ أمْرَه كُلَّه له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابتْهُ سَرَّاءُ شكر، فكان خيراً له، وإن أصابتْهُ ضرَّاءُ صَبَر، فكان خيراً له )) [أخرجه مسلم عن صهيب الرومي ] سيدنا عمر بن الخطاب، كان إذا أصابته مصيبة قال: " الحمد لله ثلاثاً، الحمد لله إذ لم تكن في ديني ـ إنسان ترك الصلاة، إنسان أكل مالاً حراماً، إنسان وقع في الفاحشة، أعوذ بالله، هذه المصائب ـ الحمد لله إذ لم تكن في ديني ". أولاً: حمد الله على أي مصيبة لم تصل إلى الدين، ما ارتكب حراماً، ما أكل مالاً حراماً، ما تعامل مع الحرام، ما نافق، ما جمع مالاً على حساب مبادئه، " الحمد لله إذ لم تكن في ديني، والحمد لله إذ لم تكن أكبر منها ". مثلاً: حادث سيارة لكن الأولاد سلموا، والزوجة سلمت، الحمد لله، نعمة كبيرة أن المصيبة أصابت المركبة فقط، أما الركاب ففي سلامة تامة، " الحمد لله إذ لم تكن في ديني، والحمد لله إذ لم تكن أكبر منها، والحمد لله إذ ألهمت الصبر عليها "، هذا المؤمن راضٍ. مرة أحد العلماء قال: " ماذا يفعل أعدائي بي ؟ إن أبعدوني فإبعادي سياحة، وإن قتلوني فقتلي شهادة، وإن حبسوني فحبسي خلوة، بستاني في صدري، ماذا يفعل أعدائي بي ؟ " لذلك هذا العالم الجليل قال كلمة أخرى، قال: " في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة "، والدليل: ﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ﴾ ( سورة الرحمن ) جنة في الدنيا، وجنة في الآخرة، ألا يكفي أن الله عز وجل فدى ابنه الذبيح بذبح عظيم ؟ آتاه ولداً آخر، وجعله نبياً، وآتاه ولداً ثالثاً. من كان سروره بالنقمة كسروره بالنعمة فقد رضي عن الله: أيها الأخوة، الذي يرضى عن الله دليل إيمان كبير، إنسان في أثناء الطواف حول الكعبة، قال: يا رب هل أنت راضٍ عني ؟ فكان وراءه أحد العلماء، قال له: يا هذا هل أنت راضٍ عن الله حتى يرضى عنك ؟ قال له: سبحان الله ! كيف أرضى عنه وأنا أتمنى رضاه ؟ فقال هذا العالم الجليل: " إذا سرورك بالنقمة كسرورك بالنعمة فقد رضيت عن الله ". هنا البطولة، أن تقول: يا رب، عندك مشكلة، مشكلة صحية، مشكلة مالية، مشكلة أسرية، مشكلة في العمل، يا رب لك الحمد، لذلك قالوا: كن عن همومك معرضا وَكِلِ الأمور إلى القضـا وابشر بــخير عاجل تنسى به ما قد مضـى فلرب أمــر مسخط لك في عواقبه رضـــا * * * ولربما ضاق المضيق ولربما اتسع الفضـــا الله يفعل مــا يشاء فلا تكن معترضــــا الله عودك الــجميل فقس على مـا قد مضى * * * من يقبل بقضاء الله وقدره يُرفع عنه الأذى: لذلك درس بليغ لنا إذا جاء قضاء الله وقدره بما لا يريحنا، أو إذا جاء مكروه القضاء ينبغي ألا نجزع، وألا نسخط، وألا نغضب، وألا نتمرد، لكن تقول: الحمد لله على كل حال، والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه، فحينما تقبل قضاء الله وقدره يُرفع عنك، وحينما لا تقبله يستمر، هذا الدرس البليغ في هذه القصة التي أكرمنا الله بها. ﴿ وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيّاً مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ ( سورة الصافات ) ولد آخر. ﴿ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلّاً جَعَلْنَا صَالِحِينَ ﴾ ( سورة الأنبياء ) كان الشيء المقلق أن يذبح ابنه إسماعيل، فسلم ابنه إسماعيل، وآتاه الله إسحاق ويعقوب نافلة زيادة على الفضل. أحياناً يرزقه ولداً يحفظ له ذكره بعد موته، من والدك ؟ والدي فلان، ما شاء الله! رحمة الله عليه، كان صالحاً، فالابن كلما سئل: من والدك ؟ يذكر اسم والده فيترحم الناس عليه، فنقول: هذا الولد حفظ ذكر أبيه، لكن أباه داعية، ما قولك بولد يكون بعد أبيه داعية مثلاً ؟ هذا أرقى بكثير. فسيدنا إبراهيم أتاه الله ولداً آخر نبياً من الصالحين، فاستمرت الدعوة. أفضل كسب الرجل ولده: لذلك أيها الأخوة، لم يبقَ في أيدي المسلمين من ورقة رابحة إلا أولادهم، لو حصّلت أكبر ثروة في الأرض ولم يكن ابنك كما تتمنى فأنت أشقى الناس، من هنا قال عليه الصلاة والسلام: (( أفضل كسب الرجل ولده )) [أخرجه الطبراني عن أبي بردة بن نيار] لذلك حينما قال الله عز وجل: ﴿ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلّاً جَعَلْنَا صَالِحِينَ ﴾ كان الامتحان الصعب أن يذبح ابنه، فإذا ابنه يسلم ، ويؤتيه الله ابناً نبياً، وابناً آخر سيدنا يعقوب. النبي عليه الصلاة والسلام بُعث إلى عامة الناس فأعطي بذلك زيادة على الأنبياء: أيها الأخوة الكرام، مما أعطي النبي عليه الصلاة والسلام زيادة على الأنبياء و الصالحين قال: (( أُعطيتُ خَمْسا لم يُعْطَهُنَّ أحد من الأنبياء قبلي: نُصِرْتُ بالرُّعبِ مسيرةَ شهر )) [أخرجه البخاري ومسلم والنسائي عن جابر بن عبد الله ] ولما تركت أمته منهجه من بعده هُزمت بالرعب مسيرة عام، إذا طبقنا منهج النبي الكريم ننصر بالرعب، فإذا تركنا سنته نهزم بالرعب. (( وجُعلتْ ليَ الأرضُ مسجداً وطَهورا، فأَيُّمَا رَجُل من أُمَّتي أدركته الصلاة فليصلّ وأُحِلّت ليَ الغنائمُ، ولم تَحِلَّ لأحد قَبلي، وأُعْطِيتُ الشفاعةَ، وكان النبيُّ يبعثُ إِلى قومهِ خاصة وبعثتُ إِلى الناس عامة )) [أخرجه البخاري ومسلم والنسائي عن جابر بن عبد الله ] الأنبياء السابقون بعثوا إلى أقوامهم، والنبي عليه الصلاة والسلام بعث إلى عامة الناس. ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ ( سورة الأنبياء ) عدم إباحة الغنائم للأنبياء السابقين و إنما منحت نافلة لنبينا الكريم: إذاً: نعود إلى الآية الكريمة: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ ﴾ الأنفال جمع نَفَل ، وهي الغنائم، ما تشريع الله في الغنائم ؟ الغنائم لم تبح للأنبياء السابقين، إنما منحت نافلة لنبينا عليه أتم الصلاة والتسليم. أيها الأخوة الكرام: هناك مصطلحات، من هذه المصطلحات: الغنيمة: ما يأخذه المسلمون من الأعداء المهزومين، وتقسم هذه الغنائم فيما بينهم بنسب معينة، فقديماً مثلاً المقاتل له سهم ، والفارس الذي معه فرس له سهمان. الفيء: كل مالٍ صار إلى المسلمين من دون قتال، هذا اسمه فيء. القبض: الغنائم قبل أن تقسم، أحياناً تكون المعركة عصيبة جداً، والعدو شرس جداً، وقوته كبيرة جداً، فالقائد يعطي حوافز للمواطنين، ففي بعض الغزوات قال عليه الصلاة والسلام: (( مَن قَتَلَ كافراً فله سَلَبُهُ )) [أخرجه مسلم وأبو داود عن أنس بن مالك ] أي مال هذا المقتول لمن قتله شخصياً، لا يدخل بالحسابات، هذا اسمه حافز تشجيعي. في يوم بدر هناك واقعة، يرويها الصحابي الجليل سعد بن مالك رضي الله عنه، قلت: يا رسول الله: قد شفاني الله اليوم من المشركين، فهب لي هذا السيف ـ يوجد سيف مع الغنائم يبدو جيد جداً ـ فقال عليه الصلاة والسلام: " إن هذا السيف لا لي و لا لك، ضعه، قال: فوضعته ثم رجعت، فقلت في نفسي: عسى أن يعطى هذا السيف من لا يبلي بلائي، أي إنسان ما قاتل كما قاتلت يأخذ هذا السيف (شعور داخلي)، قال: فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوني من ورائي، فقال الصحابي: قد أنزل الله فيّ شيئاً، فقال عليه الصلاة والسلام: كنت سألتني السيف وهو ليس لي، وإنه قد وهب لي، فهو لك، لقوله تعالى: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ ﴾ أي النبي يوزعها، هي لله ، والنبي يوزعها، قال له: هذا السيف أصبح لي بنص هذه الآية فهو لك. القضية المبتوت بها من قِبل الله تعالى لا يسمح لأي إنسان أن يعارضها : أيها الأخوة الكرام، يبدو أن مشكلة محدودة نشبت بين الصحابة حينما وزعت بعض الغنائم، فلذلك أراد الله سبحانه وتعالى أن يحسم هذا الأمر فقال: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ ﴾ ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ ﴾ أن تسألوا، هذه قضية مبتوت بها، لقول الله تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ﴾ ( سورة الأحزاب الآية: 36 ) مرة سألوا دكتورة بالجامعة في مصر عن رأيها في التعدد، فطبعاً قالت كلمة رائعة، قالت: ما كان لي أن أدلي برأيي في التعدد وقد سمح الله به، من أنا ؟ المشرع هو الله ، ما كان لي أن أدلي برأيي في التعدد ، وقد سمح الله به. فلذلك الآية الكريمة: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ﴾ ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ ﴾ أي أطيعوا الله. على الإنسان طاعة الأمر القرآني و طاعة بيان رسول الله: لكن عندنا آيات متعددة: ﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾ ( سورة الأنفال الآية: 46 ) الله عدد المطاع، ﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾ عندنا آية أخرى: ﴿ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ﴾ ( سورة النساء الآية: 59 ) عدد الأمر والمطاع. وعندنا آية ثالثة: ﴿ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ﴾ ( سورة النور الآية: 56 ) عندنا ﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾ و عندنا ﴿ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ﴾ و عندنا آية ﴿ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ﴾ إذاً: الله عز وجل أمرنا بالصلاة. ﴿ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ ﴾ ( سورة الحج الآية: 78 ) هناك أحاديث كثيرة جداً من اختصاص النبي عليه الصلاة والسلام، يقول لك: الفجر ركعتان، الظهر أربع ركعات، العصر أربع، المغرب ثلاث، العشاء أربع، السنن ركعتان قبل الفجر، أربع قبل الظهر، وركعتان بعد الظهر، ركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، هنا: ﴿ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ﴾ لأن الأمر الكلي جاء في القرآن، أما التفاصيل، أنصبة الزكاة، آلاف الموضوعات التي تركت لرسول الله، فهذه الموضوعات تغطيها الآية الكريمة: ﴿ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ﴾ أما إذا جاء النص ﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾ طبعاً أطيعوا الأمر القرآني، وأطيعوا بيان رسول الله، النبي بيّن. ﴿ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ﴾ ( سورة النحل الآية: 44 ) أما إذا قال: ﴿ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ﴾ أي النبي وحده مشرع، أطيعوا النبي استقلالاً، ﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾ الأمر قرآني، والنبي بيّن، الله كرم المطاع ﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾ ﴿ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ﴾ النبي الكريم مثلاً حرم النسب من الرضاعة، هنا ﴿ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ﴾ استقلالاً، هناك شيء جاء به النبي و هو لم يرد في القرآن، لأنه مشرع. الوحي نوعان ؛ وحي متلو هو القرآن و وحي غير متلو هو السنة: لذلك هناك وحي متلو هو القرآن، ووحي غير متلو هو السنة، هناك أشياء النبي بينها: ﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾ هناك أشياء النبي أضافها، كتحريم النسب من الرضاعة، بالقرآن: ﴿ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ ﴾ ( سورة النساء الآية: 23 ) الآن وعماتكم من الرضاعة، وخالاتكم، هنا ﴿ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ ﴾ استقلالاً، وإذا كان هناك قضية جاءت في القرآن والنبي فصّل في تفاصيلها ﴿ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ﴾ هذه الآيات التي تأتي على أشكال متعددة. الثقة بالله عز وجل إذا اختص لنفسه بشيء: أيها الأخوة، الذي يستنبط من هذه الآية أن الله سبحانه وتعالى إذا اختص لنفسه بشيء ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ﴾ وإذا اختص النبي بشيء أيضاً ﴿ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ﴾ والآية التي تغطي هاتين الآيتين: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾ ( سورة الحجرات الآية: 1 ) أنت تزور طبيباً يحمل أعلى شهادة، درس ثمانية و ثلاثين عاماً، يقول له: حبة أسبرين يومياً، ما السبب دكتور ؟ هذا ليس مريضاً أديباً، ما دام أتيت إلى طبيب متفوق جداً، تثق بعلمه و إخلاصه و أخلاقه، ينبغي ألا تسأل، فكيف مع خالق السماوات والأرض ؟. ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ ﴾ أن تسألوهما ، ﴿ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ والحديث عن إصلاح ذات البين حديث دقيق جداً نرجئه للدرس القادم إن شاء الله تعالى. والحمد لله رب العالمين 2/3/2017
تفسير القرآن الكريم المرئي - سورة الأعراف 007 - الدرس(49-60): تفسيرالآيات 172 - 174 الأمانة نفسك التي بين جنبيك ـ والإنسان قبِل حملها في عالم الذر لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2008-10-31 بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات . الله سبحانه وتعالى خلق الخلائق كلها قبل عالم الصور : خلق الله الخلائق كلها قبل عالم الصور أيها الأخوة الكرام ... مع الدرس التاسع والأربعين من دروس سورة الأعراف ، ومع الآية الثانية والسبعين بعد المئة ، وهي قوله تعالى : ﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آَبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ * وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ أيها الأخوة الكرام ، هذه قصة الإنسان ، الله سبحانه وتعالى خلق الخلائق كلها قبل عالم الصور ، خلقها في عالم الذر ، والآية التي توضح هذه الحقيقة هي قوله تعالى : ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ﴾ ( سورة الأحزاب ) هذه الآية ، والآية التي هي موضوع الدرس تتكاملان لتكونا قصة هذا الإنسان . القضايا ثلاثة أنواع ؛ إخبارية عقلية و حسية : 1 – دائرة المحسوسات أداة اليقين بها الحواس الخمس : بادئ ذي بدء : بنص الآية التي تلوتها قبل قليل ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ ﴾ دائرة المحسوسات أداة اليقين بها الحواس الخمس السماوات ، والأرض ، والجبال تعبير عن كل الخلائق ، الخلائق خلقت قبل عالم الصور ، أنت لك صورة ، وأنا لي صورة ، والحصان له صورة ، والشمس لها صورة ، هذا العالم اسمه عالم الصور ، وكنا قبل هذا العالم في عالم الذر . ولكن القضايا الإخبارية ، لابد من أن يكون واضح لديكم أن هناك قضايا عقلية ، وأن هناك قضايا حسية ، وأن هناك قضايا إخبارية ، كل أمور الدين ، كل حقائق الدين ، كل أفكار الدين لابدّ من أن تتوزع بين دائرة المحسوسات ، ودائرة المعقولات ، ودائرة الإخباريات ، فأنا بحواسي الخمس أرى أن هذا كأس ماء ، وبحواسي الخمس أرى أن هذا مكبر للصوت ، وأن هذا الضوء متألق ، وأن هذه طاولة ، هذه معرفة حسية ، أدواتها الحواس الخمس ، أو استطالته ، الميكروسكوب استطالة للعين ، ترى بالميكروسكوب دقائق الأشياء ، والتليسكوب استطالة أيضاً للعين ترى به الكواكب البعيدة ، فكل شيء يُرى ، أو يُسمع ، أو يُلمس ، أو يُشم ، هذه أشياء مادية أداة اليقين بها الحواس الخمس ، هذه قضية سهلة ، الحواس الخمس أو استطالتها . دليل اليقين في الشيء الذي غابت عينه وبقيت آثاره هو العقل لكن هناك قضايا عقلية ، القضايا الأولى الحسية شيء ظهرت عينه ، أداة اليقين به الحواس الخمس ، هذا الكأس أمامي له وزن ، من بلور صافٍ ، فيها ماء ، هذه معرفة حسية أداتها الحواس ، المس أو استطالتها وهذه ليست موضع خلاف إطلاقاً . لكن الموضوعات الثانية موضوعات حسية ، يا ترى في أسلاك الكهرباء في هذا المسجد هل تسري فيها الكهرباء ؟ الجواب نعم ، قطعاً ، والدليل : هذه آثار الكهرباء ، تألق المصابيح ، تكبير الصوت ، عمل المكيفات ، هذه كلها من آثار الكهرباء ، فالكهرباء غابت عنا ذاتها بقيت آثارها ، هذه معرفة عقلية ، أيضاً هذه المعرفة ليست موضع خلاف إطلاقاً ، هناك عقل يستدل بالأثر على المؤثر ، وبالنظام على المنظم ، وبالخلق على الخالق ، وبالحكمة على الحكيم ، وبالجمال على الجميل ، وبالقوة على القوي . فالشيء إذا غابت عينه وبقيت آثاره دليل اليقين به العقل ، لذلك العقل أصل من أصول المعرفة ، هذا الكون كله مظهر لأسماء الله الحسنى ، وصفاته الفضلى ، ذات الله لا نراها . ﴿ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ ﴾ ( سورة الأنعام الآية : 103 ) 2 – دائرة المعقولات أداة اليقين بها العقل : لكن كل هذا الكون أثر من آثار خالق السماوات والأرض دائرة المعقولات أداة اليقين بها العقل فنحن نتعرف إلى الخالق من خلال خلقه ، وإلى الصانع من خلال صنعته ، وإلى المسير من خلال تسييره ، وإلى الحكيم من خلال حكمته ، وإلى الجميل من خلال جمال الكون ، هذه المعرفة الثانية المعرفة العقلية ذات الشيء غابت عنا بقيت آثاره ، البعرة تدل على البعير ، والأقدام تدل على المسير ، والماء يدل على الغدير ، أفسماء ذات أبراج ، وأرض ذات فجاج ألا تدلان على الحكيم الخبير ؟ هذه المعرفة العقلية ، أداتها العقل ، طريقها التفكر . ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ ( سورة آل عمران ) هذه المعرفة العقلية ، المعرفة العقلية لابدّ من شيء مادي ، من هذا الشيء المادي أنثقل إلى صانعه ، هل صنعته متقنة ؟ هل صنعته جميلة ؟ هل صنعته محكمة ؟ وهكذا . وهذا الموضوع الثاني أيضاً ليس موضع خلاف إطلاقاً . 3 – دائرة الإخباريات أداة اليقين بها الخبر الصادق : إلا أن الموضوع الثالث ؛ الدائرة الثالثة التي نحن بصددها ، هذه دائرة لا تخضع للعقل أبداً ، العقل يحتاج إلى شيء مادي يدرسه ، يلاحظه ، يحلله ، يفحصه ، يختبره ، ثم يحكم على صانعه ، هذا العقل ، أما الموضوع الثالث ، الدائرة الثالثة موضوع آخر ، العقل لا دور به إطلاقاً ، والحواس الخمس لا دور لها إطلاقاً ، الموضوع الثالث جهة أخبرتنا ، نسميه موضوع إخباري ، أو سمعي فقط . دائرة الإخباريات أداة اليقين بها الخبر الصادق لذلك هذا الموضوع الثالث تنطلق قيمته من المُخبر ، من هو المُخبر ؟ إذا الله عز وجل أحد أكبر مصادر المعرفة إخبار الله لنا ، الله أخبرنا أنه خلقنا لجنة عرضها السماوات والأرض ، أخبرنا أن بعد الموت إما في جنة يدوم نعيمها ، أو في نار لا ينفذ عذابها ، أخبرنا أنه لابدّ من أن نتصل به كي نسعد بقربه ، أمرنا بالصلاة ، والصيام ، والحج ، والزكاة ، نحن في الدين عندنا جانب كبير ، جانب إخباري ، هذا لا يخضع للعقل أبداً ، وأنصح أخوتنا الشباب ألا تحاوروا أحداً في الموضوع الثالث ، إلا إذا كان مؤمناً بالله ، إن كان ليس مؤمناً تقول له : الملائكة ، يقول لك : أين هي ؟ ما الدليل ؟ لا يوجد دليل معك ، دليل ، معك دليل لك ، كمؤمن ، الله أخبرك ، بل إن الذي أخبرك الله به ينبغي أن تأخذه وكأنك تراه . ﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ ﴾ ( سورة الفيل ) من منكم رأى هذه الحادثة ؟ ولا واحد ، وأنا معكم ، لكن من المخبر ؟ هو الله عز وجل ، نحن في هذه الآيات لا تخضع للعقل أبداً ، ولا أتمنى عليكم أن تطرحوا أسئلة حولها موضوع إخباري لا يخضع للعقل أبداً ، لا للتحليل ، ولا للدرس ، ولا للسؤال . قبول الإنسان حمل الأمانة و رفض جميع الخلائق ذلك : أخبرنا ربنا أنه خلقنا في عالم قبل عالم الصور ، وأنه عرض علينا ، وأن معظم المخلوقات أشفقن منها ، وأن الإنسان قال أنا لها ، وحملها ، وأنه إذا أدى الأمانة ، لم يكن ظلوماً جهولاً ، أما إذا خان الأمانة : ﴿ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ﴾ ( سورة الأحزاب ) الإنسان قبل حمل الأمانة ورفضت جميع الخلائق ذلك موضوع إخباري ، خلقنا الله عز وجل في عالم الذر ، قبل أن نكون في عالم الصور وعرض علينا الأمانة ، وجميع الخلائق أبى أن يحملها ، وخاف منها ، وحملها الإنسان . من حمل الأمانة و أدى ما له و ما عليه دخل الجنة : الآن لأنك إنسان بحسب هذه الآيات أنت خُلقت في عالم الذر مع بقية المخلوقات ، فلما عرض الله الأمانة على هذه المخلوقات ﴿ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ ﴾ ولأنك إنسان إذاً أنت قبلت حمل الأمانة ، يجب أن تعرف نفسك ، الإنسان أعلى المخلوقات إطلاقاً . من حمل الأمانة و أدى ما له و ما عليه دخل الجنة للتقريب : أب عنده عشرة أولاد ، غني كبير ، قال : كل واحد منكم له راتب شهري ، ومركبة ، وبيت ، وزوجة ، أما الذي يقبل أن يذهب إلى بلاد بعيدة ، ويأتي بالدكتوراه في إدارة الأعمال أمنحه هذا المعمل كله ، هناك عرض ، تسع أخوة خافوا ، أريح أن يبقى في بلده ، وله راتب شهري خمسين ألفاً ، وله زوجة وأولاد ، وسيارة ، أما هذا الأخ العاشر كان طموحاً ، قال أنا لها ، أرسله أبوه ، إن أتى بالدكتوراه تَمَلّك المعمل كله ، وإن لم يأتِ بها كل أخوته أفضل منه لذلك : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ﴾ ( سورة البينة ) أعلى من الملائكة . ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ ﴾ ( سورة البينة ) من هنا قال الإمام علي رضي الله عنه : رُكب الملك من عقل بلا شهوة ، ورُكب الحيوان من شهوة بلا عقل ، و رُكب الإنسان من كليهما ، فإن سما عقله على شهوته أصبح فوق الملائكة ، وإن سمت شهوته على عقله أصبح دون الحيوان . خيروه بين أن يكون طياراً ، تأخذ بالشهر خمسمئة ألف مثلاً ، و بين أن تكون سائق سيارة على الأرض ، على الأرض القضية سهلة تعطلت تبلغ صاحبها ، تذهب إلى بيتك ، لكن بالطائرة ما في تبلغ صاحبها ، وقد مات جميع ركابها ، خمسمئة ألف مقابل احتمال الموت ، أما على الأرض الاحتمال أقل . دائرة المرئيات و دائرة المسموعات و دائرة الخواطر : لذلك الإنسان حينما قبل حمل الأمانة ، فإن لم يحملها أمامه النار ، خالداً فيها أبداً وإن حملها أمامه الجنة . (( ما لا عين رأتْ ولا أذن سمعتْ ، ولا خطَر على قلبِ بَشَرْ )) [أخرجه البخاري ومسلم والترمذي عن أبي هريرة ] دائرة المرئيات أقل دائرة والمسموعات أكبر منها بكثير أما الخواطر فلا تنتهي ما لا عين رأت ، هذه دائمة ، ولا أذن سمعت ، أوسع بكثير ، أنت زرت القاهرة ، وعمان ، وبيروت ، وباريس ، فقط ، يوجد هنولولو ، هذه أنت ما زرتها ، لكن تسمع عنها ، يوجد موزنبيق ، هناك دول ، دائرة المرئيات أقل دائرة ، المسموعات أكبر بكثير ، أما الخواطر لا تنتهي ، قد تقول تصور إنساناً طوله للقمر ، خاطر هذا ، ما له أي ضابط ، فهناك دائرة اسمها دائرة المرئيات . (( أعْدَدْتُ لعباديَ الصالحين ما لا عين رأتْ )) [أخرجه البخاري ومسلم والترمذي عن أبي هريرة ] وهناك دائرة أكبر اسمها دائرة المسموعات ، ولا أذن سمعت ، و دائرة لا تنتهي دائرة الخواطر ، ولا خطر على قلب بشر ، فإذا الإنسان حمل الأمانة ، وأداها كما أراد الله ، كان فوق الملائكة ، فوق بكثير ، من هنا يُعد الإنسان أكبر مغامر ، إما إلى جنة يدوم نعيمها ، أو إلى نار لا ينفذ عذابها ، فلذلك رأى النبي عليه الصلاة والسلام جنازة فقال : (( مستريح ، أو مُسْتَراح منه ، فقالوا : يا رسول الله ما المستريحُ ، وما المستَراح منه ؟ فقال : العبد المؤمنُ يستريح من نَصَب الدنيا ، والعبد الفاجرُ يستريح منه العبادُ ، والبلادُ ، والشجر ، والدواب )) [أخرجه البخاري ومسلم والنسائي ومالك عن أبي قتادة ] الآن العالم كله ينتظر بفارغ الصبر نهاية ولاية بوش . (( يستريح منه العبادُ والبلادُ ، والشجر والدواب )) هذه المشكلة . الأمانة التي قبلت حملها هي نفسك التي بين جنبيك : الأمانة التي قبلت حملها هي نفسك التي بين جنبيك أيها الأخوة ، لأنك من بني البشر أنت في عالم الذر ، قبلت حمل الأمانة ، لأنك من بني البشر ، ولأنك من بني البشر أنت مهيأ أن تكون فوق الملائكة ، كلام دقيق هذا كلام في صميم العقيدة ، لأنك إنسان أنت مهيأ أن تكون أعلى مخلوق . الآن ما هي الأمانة ؟ ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ ﴾ ما هي الأمانة ؟ إياكم أن تفهموا الأمانة فهم محدود جداً ، إنسان أودع معك شيء كأمانة ، ثم طلبه منك ، لا ، القضية عميقة جداً الأمانة في إجماع العلماء نفسك التي بين جنبيك ، سلمها الله لك ، أودع فيها الشهوات ، تشتهي المال ، هذه جماد ، لم تقبل حمل الأمانة ، هذه الطاولة لا تشتهي ، طاولة أنثى ، لا تشتهي تأكل ، اتركها مئة سنة تبقى بمحلها ، ما في حركة ، أما أنت تشتهي أنثى ، تشتهي مالاً ، تشتهي أن تكون كبيراً في نظر الناس ، بمنصب رفيع ، تشتهي زوجة جميلة ، تشتهي بيتاً مريحاً ، تشتهي أموالاً طائلة ، أموالاً منقولة وغير منقولة ، تشتهي المتعة ، أودع فيك الشهوات ، إله . ﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ والبنيين وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ ( سورة آل عمران الآية : 14 ) العقل ميزان الإنسان ليرقى إلى رب السماوات و الأرض : أودع فيك الشهوات ، أعطاك عقلاً ، هذا العقل ميزان دقيق . ﴿ وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ ﴾ ( سورة الرحمن ) العقل ميزان الإنسان ليرقى إلى رب السماوات و الأرض معك ميزان ، عامل الناس كما تحب أن يعاملوك ، أودع فيك الشهوات لترقى فيها إلى رب الأرض والسماوات ، تشتهي المرأة ، وقد أمرك الله أن تغض البصر عنها فتغض البصر عنها وتقول : يا رب احفظني من أن أُفتن . ﴿ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ ﴾ ( سورة يوسف الآية : 33 ) أودع فيك شهوة المال ، وهناك دخل حرام ، و دخل حلال ، امتحنك الله . ﴿ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ ﴾ ( سورة المؤمنين ) بالشهوات ترقى إلى الله صابراً و شاكراً : أنت ترقى مرتين ، ترقى مرة حينما تقول إن أخاف الله رب العالمين ، ترقى صابراً وترقى شاكراً ، تزوجت الله هيأ لك زوجة صالحة جميلة ، فإذا ملأت عينيك من محاسنها ، لك أجر ، هذه هدية من الله ، ترقى إلى الله هنا شاكراً ، وإذا مرت امرأة لا تحل لك ترقى إلى الله صابراً ، ترقى بالشهوة مرتين ، لك معاش محدود ، اشتريت الطعام ، والشراب ، أكلت أنت وأولادك ، يا رب لك الحمد ، وهناك طريق غير مشروع ممكن تهرب مخدرات ، تربح ألف ضعف ، من مكان زراعتها إلى مكان بيعها يوجد ألف ضعف ، يقول لك : أغنى الأغنياء في العالم تجار مخدرات ، امتحنك ، المال محبب ، إما أن تكسبه حلالاً لكن لا يكون كثيراً جداً هناك جهد ، أو أن تكسبه حراماً ترقى مرتين ، إن قلت هذه الصفقة مشبوهة ، إني أخاف الله رب العالمين ترقى إلى الله صابراً ، وإذا كان صفقة مشروعة وربحت منها ربحاً معقولاً ، وأنفقت هذا المال على نفسك وأهلك ترقى إلى الله شاكراً ، أودع فيك حب المال وحب النساء ، ﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ والبنيين ﴾ الأولاد ، ﴿ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ﴾ والسيارة ، ﴿ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ ﴾ وقتها ، الآن يقابلها سيارة ، ﴿ وَالْأَنْعَامِ ﴾ مزرعة ﴿ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ أودع فينا الشهوات . الله عز وجل زود الإنسان بمجموعة من المقومات لمعرفة الطريق الصحيح منها : 1 ـ الفطرة : أعطاك عقلاً ، ميزاناً ﴿ وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ ﴾ أعطاك فطرة عظيمة برمجك برمجة ، جبلك جبلة بطريقة أنك تكتشف خطأك بذاتك ، آتي بمثل دقيق : الله أعطاك فطرة عظيمة تشعرك بالكآبة إذا أخطأت دخلت إلى البيت الساعة الواحدة ، قالت لك والدتك : ماما أنا رأسي يؤلمني أريد أسبرين ، تقول لها : الساعة الواحدة كله مغلق ، قالت : خير إن شاء الله ، لكنك تعلم علم اليقين أن الصيدليات مناوبة ، هي لم تحرجك سكتت ، تريد أن تنام لا تستطيع ، أمك يؤلمها رأسها أنت صرفتها عن هذا الطلب ، لم تتكلم شيئاً ، بعدها شعرت أن الوالدة غالية ، نهضت ، فرضاً ليس أسبرين دواء ثانٍِ ، أول صيدلية ، الثانية ، الثالثة ، درت عليهم كلهم لا يوجد هذا الدواء ، الوالدة بالمرتين الدواء لم تستخدمه ، لكن أول مرة تنام غير مرتاح ، المرة الثانية بعد جولة ساعة تنام مرتاحاً ، أنت أديت الذي عليك ، واضح تمام ؟. الفطرة دقيقة جداً ، شخص دهس طفلاً الساعة الثانية بالليل ، وتابع سيره ، والضبط كُتب ضد مجهول ، يقول لي قريبه : أكثر من أربعين يوماً ما تمكن من النوم . برمجك برمجة إذا أخطأت تشعر بكآبة ، تشعر بالذنب ، تشعر بالخطأ ، تشعر أنك صغير ، لو لم يعلم أحد بهذا الخطأ ، برمجة داخلية هذه فطرة ، أعطاك عقلاً ، مقياس مادي ، أعطاك فطرة ، مقياس نفسي ، أعطاك شهوات قوة دافعة ، وأعطاك حرية اختيار . ﴿ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾ ( سورة الكهف الآية : 29 ) 2 ـ الشهوة : أعطاك شهوة ، عقل ، فطرة ، حرية ، أعطاك منهجاً (شرع) في حلال ، في حرام ، الزواج له طريقة في الإسلام الله أعطاك فطرة عظيمة تشعرك بالكآبة إذا أخطأت المال له طريقة في الكسب ، خالفوا الناس ربهم بالأرض كلها ، خالفوه فخسروا أموالهم كلها ، والله درس الأزمة المالية بالعالم والله درس بليغ من الله ، الله عز وجل أظهر آياته . ﴿ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ﴾ ( سورة البقرة الآية : 286 ) 3 ـ العقل : أعطاك منهجاً ، معك منهج ، ومعك عقل ، ومعك فطرة ، ومعك شهوة ، الشهوة كالمحرك قوة دافعة ، مُسرع يريد أن يأكل جوعان ، يريد أن يشتري بيتاً ويتزوج ، أعطاك شهوات ، قوة دافعة ، أعطاك عقلاً ميزان دقيق ، أعطاك فطرة ميزان نفسي آخر ، معك ميزانين العقل والفطرة ، معك شهوة . 4 ـ حرية الاختيار : أعطاك حرية ، قيمة عملك أنك حر ، ﴿ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾ ﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً ﴾ ( سورة الإنسان ) 5 ـ الشرع : أعطاك شرعاً ، للتقريب : الحسن ما حسنه الشرع والقبيح ما قبحه الشرع هذه السيارة فيها محرك هو الشهوة ، قوة اندفاع ، وفيها مقود هو العقل ، وفيها طريق هو الشرع ، مهمة العقل أن يستخدم هذا المقود ليبقي المركبة وهي مندفعة على الطريق ، الطريق هو الشرع ، والمحرك هو الشهوة ، والطريق هو الشرع . مثل آخر : يوجد بالجيب اليمين جهاز كشف العملات المزورة ، هذا يتحسس بالمعادن ، العملات فيها معدن ، تضعه على الجهاز يظهر لون برتقالي ، معناها عملة صحيحة ، إذا ورق فقط من دون معجونة خاصة يظهر لون آخر ، فمعك جهاز كشف العملات المزيفة ، معك بالجيب الثاني قائمة بأرقام العملات المزيفة ، هذا الشرع ، باليسار في شرع ، باليمين في عقل ، فأنت بعت بيتك بعملة صعبة ، لا استخدمت الجهاز ، ولا قرأت أرقام العملات ، ظهر المبلغ كله مزور الخطأ خطأك ، معل عقل ، ومعك شرع ، واضح تمام ؟. فلما قال لك احمل الأمانة ، الأمانة نفسك التي بين جنبيك ، أعطاك عقلاً ، أعطاك فطرة ، أعطاك شهوة ، أعطاك إرادة ، أعطاك شرعاً ، الحسن ما حسنه الشرع ، والقبيح ما قبحه الشرع . الإنسان الظلوم الجهول من خان حمل الأمانة : أيها الأخوة الكرام ، ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ ﴾ الإنسان الظلوم الجهول من خان حمل الأمانة الآية الآن دقيقة : ﴿ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ﴾ إذا ابن كان طموحاً هل يقال له ظلوم جهول ؟ لا ، بالعكس ، لذلك يمكن أن تقرأ الآية بصيغة الاستفهام ، ﴿ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ﴾ ؟ ما كان ظلوماً جهولاً ، كان طموحاً ، فلما قبل حملها وخانها ، ﴿ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ﴾ هذه الآية تُقرأ لمن أدى الأمانة بطريقة استفهامية ، وتقرأ لمن خان الأمانة بطريقة تقريبية ﴿ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ﴾ ؟ لا ما كان ظلوماً جهولاً لما قبل حملها ، لكن إذا خان الأمانة ﴿ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ﴾ لذلك ورد في الجامع الصغير حديث لا يرتقي إلى مستوى الصحاح يقول : (( إن العار ليلزم المرء يوم القيامة حتى يقول يا رب لإرسالك بي إلى النار أيسر علي مما ألقى وأنه ليعلم ما فيها من شدة العذاب )) [ أخرجه الحاكم عن جابر بن عبد الله ] من عرّف نفسه بربها و حملها على طاعته سلم و سعد في الدنيا و الآخرة : والله أيها الأخوة ، هؤلاء البشر الذين يقتلون ، يسفكون الدماء ، هؤلاء الطغاة ، الذين يقهرون الشعوب ، يقتلون بالمئات ، بالآلاف ، الذين ألقوا على هيروشيما قنبلة ذرية قتلت ثلاثمئة ألف بأربع ثوان ، هؤلاء المجرمون في العالم ، لو رأيتهم يوم القيامة ، وقد أصابهم ألم لا سبيل إلى وصفهم ، قال تعالى : ﴿ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ ﴾ ( سورة البقرة ) أعطينا ميزانا مضبوطا وهو الشرع وهو الضابط لميزاني العقل والفطرة فلذلك لأنك إنسان أنت المخلوق الأول ، ولأنك مخلوق أول أودع الله فيك الشهوات لترقى بها صابراً ، أو شاكراً ، إلى رب الأرض والسماوات ، ولأنك إنسان أُعطيت حرية الاختيار ، ﴿ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾ ولأنك إنسان أُعطيت فطرة تكشف لك فطرتك ، ولأنك إنسان أُعطيت شرعاً ضابطاً لميزاني العقل والفطرة ، معك ميزانين ، لكن الميزانان قد يلعب بهما ، عندنا ميزان مضبوط جداً هو ميزان الشرع ، الحسن ما حسنه الشرع ، والقبيح ما قبحه الشرع . فلذلك : ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ﴾ قد افلح من زكاها وقد خاب من دساها من هنا الأمانة هي نفسك التي بين جنبيك . ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا *وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾ ( سورة الشمس ) أفلح بالقرآن وردت أربع مرات ، نجح نجاحاً عظيماً ، قلت أفلح يعني نجح ، وتفوق وسلم ، وسعد ، ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ﴾ يعني أكبر هدف لك أن تزكي نفسك من أمراض تعد سبب هلاك الإنسان في الآخرة ، ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ﴾ لا يوجد عنده حقد ، لا يوجد عنده ظلم ، لا يوجد عنده أكل حقوق ، لا يوجد اعتداء على الأعراض ، ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾ الذي أبقاها جاهلة ، وسمح لها أن تفعل المعاصي والآثام ، ولم يردعها ﴿ وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾ أما إذا عرفها بربها ، وحملها على طاعته ، وحملها على اِتباع منهج نبيه ، فسمت نفسه على الله ، ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا *وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾ الله سبحانه وتعالى أخذ من سيدنا آدم ذريته كلها في عالم الذر : آية اليوم : ﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ﴾ الله سبحانه وتعالى أخذ من سيدنا آدم ذريته كلها في عالم الذر أودع الله في سيدنا آدم نفوس الخلائق كلها إلى يوم القيامة ، كل البشر أودعت نفوسهم في سيدنا آدم ، فالله عز وجل أخذ ، المأخوذ منه سيدنا آدم ، المأخوذ نفوس البشر من آدم إلى يوم القيامة ، الآن كل إنسان آخذ ومأخوذ ، في ظهره أولاده ، هو يؤخذ منه أولاده ، وأولاده يأخذون من أبيهم ، يأخذ ويؤخذ . ﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ﴾ بادئ ذي بدء أودع الله في ظهر سيدنا آدم الخلائق (البشرية كلها) من آدم إلى يوم القيامة ، لكن هناك صنفان من المخلوقات سيدنا آدم أُخذ منه ، ولم يؤخذ من أحد ، وآخر إنسان قبل يوم القيامة لم يؤخذ منه بل أخذ من أبيه فقط ، هناك إنسان أخذ من أبيه ولم يؤخذ منه ، هذا آخر واحد ، أول واحد أُخذ منه ولم يؤخذ من أحد ، أما بقية البشر آخذ ومأخوذ ، يعني الملخص أن الله سبحانه وتعالى أخذ من سيدنا آدم ذريته كلها ، في عالم الذر . تسخير ما في السماوات و ما في الأرض لمن قبل حمل الأمانة : وقال : ﴿ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى ﴾ تسخير ما في السماوات والأرض لمن قبل حمل الأمانة يعني أودع في فطرنا الإيمان بالله ، كل واحد مودع في فطرته الإيمان بالله ، هذا الإيمان الفطري أعظم إيمان ، وعقله مبرمج على مبدأ السببية والغائية وعدم التناقض ، قوانين عقله تدعوه أن يؤمن بالله ، وقوانين فطرته تدعوه أن يؤمن بالله ، هذا الميثاق . ﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ﴾ أخذهم دفعة واحدة ﴿ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ ﴾ أنتم قبلتم حمل الأمانة ، ولأنكم قبلتم حمل الأمانة سخر الله لهذا الإنسان : ﴿ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ ﴾ ( سورة الجاثية الآية : 13 ) ولأنه قبل حمل الأمانة أعطاه عقلاً ، وفطرة ، وشهوة ، وحرية ، وشرعاً . ﴿ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ ﴾ أنتم قبلتم حمل الأمانة ، ولأنكم قبلتم حمل الأمانة سخرت لكم ﴿ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ﴾ لكم ، ولأنكم قبلتم حمل الأمانة ، أودعت فيكم الشهوات ، ولأنكم قبلتم حمل الأمانة أعطيتكم العقل وهو أداة معرفة الله ، ولأنكم قبلتم حمل الأمانة أعطيتكم الشهوات ، أعطيتكم الاختيار ، أعطيتكم الفطرة ، أعطيتكم الشرع . ﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى ﴾ قد يقول واحد منكم : أنا لا أتذكر ، لأنك أنت مجبول على الإيمان بالله ، هذه الأمانة ، الله منحك إياها ، أنت مجبول في فطرتك على أن تؤمن بالله ، ولأن عقلك مبرمج على الإيمان بالله ، يعني العقل والفطرة هما الميثاق الذي منحك الله إياه فيما بينك وبينه . العقل و الفطرة كافيان لمعرفة الله واتباع أوامره : ﴿ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا ﴾ هذه الشهادة لئلا ﴿ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ﴾ التقليد مرفوض فالعقل والفطرة كافيان لمعرفة الله واتباع أوامره قال تعالى ، يوم القيامة يقول هذا الكافر : ﴿ وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ *انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ ﴾ ( سورة الأنعام ) ﴿ أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آَبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ ﴾ تقليد لا يوجد ، أودع الله فيك عقلاً و فطرة كافيان لمعرفة الله ، لو كان الأب منحرفاً ، لو كان الأب كافراً . ﴿ أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آَبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ ﴾ التقليد مرفوض ، الله منحك عقلاً ومنحك فطرة . ﴿ وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ هذه الآية ، مع آية : ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ ﴾ هاتان الآيتان تتكاملان ، وتتحدث الآية الأولى والثانية عن قصة الإنسان حينما خلقه الله في عالم الذر ، وعرض عليه الأمانة ، وقبل حملها ، ولذلك استحق أن يكون فوق الملائكة إذا أداها ، واستحق أن يكون دون الحيوان إذا خانها . والحمد لله رب العالمين 3/3/2017

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire