samedi 29 avril 2017

إعلانات الطرق

الاصطفاف الإعلامي ضد الدعاة! حمزة آل فتحي ليته كان اصطفافاً إسلامياً خالصاً قد امتطى رماحه، تجاه الأعداء، أو حشد فيالقه لخناق المنافقين، أو التصدي للمشروع الإيراني والصهيوني! كلا، ولكنه اصطفاف غير أخلاقي، يذكرك باصطفاف الملأ الوجاهي القديم (وقال الملأ منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم) سورة ص، في اصطفاف مادي صريح. وآخر معنوي للتحطيم النفسي (قال الملأ من قومه إنَّا لنراك في ضلال مبين) سورة الأعراف. وهو تغريدٌ خارج السرب، وتفكيك للوَحدة، وحَيدة عن السياق، وافتعال لمعركة، وإشغال للأذهان، وهروب من الواقع الوطني، حينما تتعالى أصوات إعلامية ضد دعاة وخيار، استفاض خيرهم وبِرهم، فلِم هذا التوجه، وما أبعاد هذا الاصطفاف؟! ما سببه؟ ومن يقف وراءه؟! ولِمَ كل تلك الضجة؟! ولِم لا ينكفئون على وسائلهم الإعلامية، يطورونها، ويحسّنون من أدائها؟! وبعضهم بكل أسف، يتوتر الكترونياً لنقد الدعاة وخطابهم، ولم يدفع بأية خطوة للإصلاح الإعلامي، أو السياسي، أو الاجتماعي، بل جل تغريداته في العلماء والدعاة، وتباشير المساجد! سلم منهم الأعداء والمنافقون، والروافض والصفويون، وأرباب الصليب، والقصف الروسي للشام، وشلل المفسدين باقري المال العام، والحشد الشعبي الصفوي التطهيري لسنة العراق، ومسطحو الفكر، وباعة الذمم، والعصابات الحوثية، والاحتلال الصهيوني، ولم يسلم منهم فضلاء الدعاة، وأمناء البلد، والمشهود لهم بالخير والحكمة والقبول! وتحزّبوا ضد الدعاة ولم نرَ*** مِن صفِ ملتحمٍ على الأوغادِ ما قد رأينا جهدَهم وجلادَهم*** في قلب (إيران) الوضيع السادي! وتناغمَ الصهيون معْ رغْبائهم *** وتعانق القلبانِ في الإيرادِ ولا ننزه الدعاة عن الخطأ، ولكن يا قوم العبوا على كل الاتجاهات، لا باباً دون باب. وحنانَيك بعض الشر أهون من بعض! أما البقاء في مستنقع دائم، وهو الاصطفاف المتحامل والمقصود، فله دلالاته! لكأن الإخوة الإعلاميين متضايقون بشدة من وهج الدعاة وانتشارهم، وطيب ذكر الناس لهم! ((إن الله يحب فلاناً فأحبوه)) كما في الحديث القدسي. فلم ينصحوا بصدق، أو ينقدوا بموضوعية، بل لا يعدو الأمر كونه شكلاً من التحامل المرفوض، والألسن المشبوهة، كما قال أبو الطيب: وإذا أتتك مذمتي من ناقصٍ *** فهي الشهادةُ لي بأني كاملُ ومن المؤسف اتخاذها الدعاة غرضاً لها، وتحاول الصحافة ناصبةً كادحةً، إشعال معركة مع دعاتنا بغير حكمة، لا في وقتها أو تقديرها ومقدماتها! مما يؤكد أن هؤلاء بلا قضية، ويخدمون أجندة طارئة وأخرى موجهة، لحاجة في نفس الجهلة والفارغين. أنا لولا أن لي من أمتي *** خاذلاً ما بت أشكو النوَبا! فما أسباب ذاك كله؟! 1- تهوين الرمز الدعوي: والإزراء به، بحيث يضعف أثره، وتقلّ كلمته، ولا يبقى له أدنى احترام أو توقير في قلوب الناس، إلى أن ينتهي ذلك بالإسقاط والإهانة! وزادوا على ذلك تلفيق المقاطع المخزية، والأكاذيب المتعمدة، علهم أن يظفروا بمكسب ثقافي أو اجتماعي، رغبةً في التهوين والإسقاط، ولكن الله غالب على أمره، ويدافع عن الذين آمنوا، والله لا يصلح عمل المفسدين. 2- تذويب الهُوية المحلية: من محبة الإسلام، والتعلق بالتدين، وفعل السنن، والسباق للفضائل، بل القفز أحياناً على الاتجاه السلفي والوهابي، وأنه وراء كل تهمة عالمية (وجادلوا بالباطل ليُدحضوا به الحق) سورة غافر. والتفكير الانعتاق من السلفية؛ لأن من يغذيها يومياً وأسبوعياً هم دعاة الإسلام، وحماة الهوية، وحراس الأمن والسفينة، وربما شطح بعضهم بمحاولته، شق الصف الديني، باسم الطريق الحق، والسبيل الأقوم، ولكنها دعاوى مزيفة لا قيمة لها ولا اعتبار! 3- تقطيع التمدد الإصلاحي: من تأثيرٍ ميمون، ونصح رقيق، وكلمة حانية، وأمر بمعروف أو نهي عن منكر، لها وقعها وأبعادها الوجدانية على الناس، وتزمّهم بزمام الاستقامة والانضباط، فلا تفلت أو انفتاح سافر، يغرّب ويهوّن ويمزق. 4- تحقيق المقاصد التغريبيّة: والتي تتنامى في مناخ مجرد من الكلمة الدعوية، والهيمنة الشرعية، ويهدف في جوهره إلى الانطلاق في المحاكاة الغربية، تعلقاً وانبهاراً وعماية (ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيماً) سورة النساء. 5- الإشغال الثقافي العام: بحيث ينصرف الدعاة وعقلاء المجتمع إلى جدل ثقافي عام، يشغل عن قضايا جادة، أو هموم متأكدة، أو مسارات حاضرة (لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه) سورة فصلت. من نحو وَحدة المسلمين، ونصرة المضطهدين، ليبيتوا يناقشوا قضايا فرعية، غايتها الإشغال والإجهاد والإكلال! 6- زعزعة الثقة الاجتماعية: فحتى من لا يسمع للمشايخ والدعاة، من العامة، تلقاه يُجلّهم ويحبهم، لذكرهم الطيب، ودفاعهم عن الإسلام، وسموّهم الأخلاقي، بسبب مكانة الدعاة في أفئدة الناس (يرفعِ اللهُ الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات) سورة آل عمران. 7- فشل مشاريعهم المستوردة: من تغريب الوطن، وتحليل الاختلاط، ونبذ النقاب، وتمييز المرأة، وإخراجها من مسكن الزوجية، ودعوات التمرد الأخلاقي، وأكثرها فشل وانحسر بحمد الله تعالى، والسبب: يقظة الدعاة لهم، ويقظة الخطاب الدعوي المتتبع لهم ولأفكارهم. 8- الإفلاس الإعلامي: فبرغم ما يملكونه من قنوات ومواقع ومأجورين،، لم يفلحوا ولم ينجحوا، ورد الله تعالى كيدهم في نحورهم، فأحسوا بالخيبة، وبرغم ما فعله (صاحب الثامنة) من حملات قبلهم، باءت كلها بحمد الله بالفشل، وجعل الله تربصهم وعنادهم في سفال، وبدلاً من أن يقلدهم جماهير الناس، أدركوا كذبهم وزيفهم، وأنها مسلك نفاقي تخريبي تحريضي، لم ينتج عنه إلا عزة الدعاة، وازدياد تمسك الخلائق بهم (فغُلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين) سورة الأعراف. 9- مزاحمة القدوات: لأنهم ليسوا محل اقتداء، ولا يعيشون في بساتين الثناء، ولا يجمعون حظوات الدعاة وامتيازاتهم، أو ظهورهم الإعلامي المنمق والمجمل، ومع ذلك فإن المطالعين يعدون الدعاة قدوات فاضلة، ومُثُل تُحتَذى، ويُصغى لتوجيهاتهم! 10- تغيير الوجهة الثقافية: وهو ناتج التشويه، ومحاولات التهوين والتخوين والتجهيل والتسفيه، الممارسة إعلامياً تجاه دعاتنا وفضلائنا، بحيث تقل الجموع المتطلعة، ويبيت الدين ثانوياً في حياة المتلقي، وتنتقل الوجهة والاستقبال جهة البرامج الإعلامية من رياضة وفن وتطبيل وتدجين ثقافي وفكري، ينتهي للسفه والخيبة والسطحية! وتبيت القيم الدينية هشةً في قلوب أهل الإسلام، ويتم تغريبهم أو علمَنتهم أو أمرَكتهم، وهو ما يحدث في بعض البلدان المنسلخة من قيمها الدينية والعربية الوطنية، ولكن تبقى لبلاد الحرمين رمزيتها الدينية والعلمية، وهي من خطوط الدفاع الصلبة، والله الموفق. ومضة: المصطفّون إعلامياً، تهريج بلا رصيد شعبي!
إعلانات الطرق كيندة حامد التركاوي يعتبر الإعلان من الوظائف الأساسية للاتصال في المجتمعات الحديثة، والإعلان هو الوسيلة الحديثة لترويج السلعة التي عرفت أشكالاً مختلفة منذ كانت التجارة والمقايضة. ويقوم الإعلان بتقديم خدمات على مستويات عدة: فهو يخدم المستهلك، ويخدم المعلن صاحب السلعة، ويخدم الوسيلة الإعلامية التي أعلن فيها، ويقدم خدمة لتنشيط الحركة الاقتصادية والتجارية الوطنية والعالمية. وفي ظل المجتمعات الاستهلاكية غير المصّنعة مثل الدول العربية ودول العالم الثالث، فإن الإعلان برغم فوائده الاقتصادية في تنشيط الحركة الاقتصادية، وفي تعريف المستهلك على أنواع من السلع التي يحتاجها، إلا أن له تأثيرات سلبية تتمثل في تشجيع الروح الاستهلاكية وتكوين عادات شرائية في مجتمعات تستهلك سلعاً تستوردها ولا تنتجها، مما يُثقل ميزانيات الأفراد وميزانية الدولة، وتقوم في الإنفاق على كماليات يمكن الاستغناء عنها، ويؤدي ذلك إلى عجز في ميزانية المدفوعات في تلك الدول ذات الطبيعة المستهلكة غير المنتجة [1]. هناك وكالات وشركات إعلان متخصصة، تقوم بتأجير مساحات الشوارع لوكالات الإعلان والشركات الأخرى، على حسب المدة والمساحة وتميز المكان وإمكانية المشاهدة الجماهيرية الواسعة له من اتجاهات وزوايا الطريق المختلفة وتكون لديها فرق متخصصة لمسح الشوارع والمناطق واختيار الأماكن المميزة، بعد ذلك تأتي مرحلة السعي للحصول على امتياز هذه المنطقة، لتأجيرها للشركات. وتهدف الحملات الإعلانية إلى: 1- التعريف بالمنتجات والخدمات الجديدة. 2- الحفاظ على ولاء المستهلك للمنتج أو السلعة. 3- التعريف العميق بالمنتج وتوضيح كيفية الاستفادة القصوى منه، وزيادة المبيعات هو الهدف النهائي. وأهداف كثيرة أخرى لا مجال لذكرها هنا. يمكن أن تلعب الإعلانات الطرقية دوراً تربوياً اقتصادياً هام في حياة النشء، فالدعاية والإعلان تشتركان في مجموعة من الأساليب الإقناعية (التكنيكات) التي بمقدورها أن تنفذ إلى المتلقين بحيث تسهم إسهاماً كبيراً في تحقيق التأثير المطلوب. ومن التكنيكات الإقناعية الأكثر شيوعاً المستخدمة في الدعاية والإعلان الأساليب التالية: استخدام الصور النمطية: هناك نزعة طبيعية لقولبة الناس في صورة معينة، ومع مرور الزمن تُكّون مثل هذه الصور انطباعاً ثابتاً، وغالباً ما يفتقر ذلك إلى خبرة واقعية. التكرار والتأكيد (الإصرار): هناك قناعة عند الدعائيين أن التكرار لعبارة ما بشكل كافٍ يجعل الجمهور يتقبلها مع مرور الوقت[2]. ليس هناك شك في أن الإعلان كنشاط اتصالي بات تأثيره كبيراً على حياة المجتمعات المعاصرة، فكما أنه يؤثر في ترويج السلع، إلا أنه يسهم عملياً في نشر قيم واتجاهات جديدة ويعمل على تغير العادات والأذواق لدى الناس، واليوم تتأثر بالإعلانات العادات الغذائية من حيث نوعية الغذاء وأسلوب تناوله، ويتربى أجيال جديدة وهي تتذوق الشطائر وأنواع الحلويات والمشروبات الغازية، ويتأثر بالزي بأنواع الموضات المختلفة التي يحتاجها العالم. إن الإعلان يسهم بفعلانية في توسيع دائرة الاستهلاك ويؤدي إلى خلق نمط من السلوك الاستهلاكي عند المجتمع [3]. فلماذا لا يأخذ الإعلام بشكل عام، والإعلانات الطرقية بشكل خاص البعد التربوي الايجابي من خلال تأثير الصورة المطبوعة بمقاييس كبيرة، وبصور متكررة، لعرض أساليب ترشيد الماء، والكهرباء، والحفاظ على النعمة، وعلى الأدوات المدرسية، والمرافق العامة، ووسائط النقل. وما نلاحظه في شكل وأداء الإعلام نراه ينصب على الترفيه الذي يصل في بعض المحطات وأجهزة الإذاعة إلى أكثر من 70 0/0، بينما أغلقت هذه الأجهزة بقية الوظائف، مما حدا بالتربويين أن يتهموا الإعلاميين بأنهم يدمرون ما يبنيه المربون. وإن الإعلان مهما تكن أخطاؤه، عمل مفتوح نسبياً، فرسائله تظهر في مساحات شاسعة في المجتمعات وعلينا استغلال هذا الإعلام ليكون إعلاماً هادفاً وهذه مهمة القائمين على الدعاية والإعلام [4]. ومهمة الإعلام متعددة الجوانب، فهو يعمل على تغير فكر الإنسان ثم تطوير سلوكه، وشمولية هذا القطاع تجعل له دوراً حضارياً في النهوض بالمجتمع بكل شرائحه وتوعيته وإقناعه بأن الحل الوحيد لاستمرار الحياة على هذا الكوكب بما يضمن الكرامة الإنسانية هو العمل الجدي، قصد ترشيد استغلال الموارد الطبيعية والحفاظ على توازن البيئة [5]. يمكن الاستفادة من الإعلانات الطرقية، كجانب هام من جوانب العملية التربوية الاقتصادية، فالصورة الملونة أثر كبير في نفس الطفل، فالطفل بطبعه يهوى الصور، لذا يجب توظيفها لتكون عنصراً فعالاً في مجال التربية الاقتصادية، بعرض صور تبين إسراف الماء والكهرباء وخاطره على المجتمع، مع عبارات سهلة وبسيطة، أو بعرض صور ذات جانبين: كصورة طفل أمامه الكثير من الطعام ولا يعرف ما يأكل، ونصف الصورة الثاني طفل من أفريقية تُعدّ أضلاعه من الجوع، وتتشقق شفاهه من العطش، وهكذا...، فالصور ذات البعدين المتناقضين كثيرة جداً. وقد تم توضيح أهمية تكرار الصورة من الناحية الإعلامية على النفس البشرية، لذلك نرى على الطرقات العامة توالي الدعايات الإعلامية، بمسافة قصيرة، وعلى الوجهين، إي: في طريق الذهاب والإياب لطرقات السفر، والطرقات العامة، فلما لا تُستغل هذه الإعلانات بطريقة تربوية هادفة، بدل عرضها لصور نساء شبه عاريات، أو صور مأكولات غربية، بطريقة تسيل اللعب، وتثير الشهوة؟! [1] أبو أصبع، صالح خليل، الاتصال والإعلام في المجتمعات المعاصرة، عمان، دار آرام للدراسات والنشر، 14هـ/ 1995م، 108. [2] المرجع نفسه، 103. [3] أبو أصبع، صالح خليل، الاتصال والإعلام في المجتمعات المعاصرة ، 229. [4] الملك، أحمد عبد، قضايا إعلامية، عمان، دار مجدلاوي، ط1، 1420هـ/ 1999م، 24. [5] المرجع السابق، 17.

الاعتكاف( شروطه،ثوابه،حكمه،أدلته)


الاعتكاف( شروطه،ثوابه،حكمه،أدلته،هدي الحبيب فيه)) السلام عليكمــ ورحمة الله وبركاته كلــ علم وأنتم بخير أقدم لكمــ اليوم موضوع هام أعلم أنه سابق لأوانه قليلا ولكنــ توكلت ــي على الله وقدمته لعل الله ينفع به ألا وهو موضوع الإعتـــكـــافــ كما هو يتضح من العنوان والموضوع منقولــ من موقع الإسلام سؤالــ وجوابــ شروط الاعتكافـــ ما هي شروط الاعتكاف ، وهل الصيام منها ، وهل يجوز للمعتكف أن يزور مريضاً ، أو يجيب الدعوة ، أو يقضي حوائج أهله أو يتبع جنازة ، أو يذهب إلى العمل ؟ . الحمد لله يشرع الاعتكاف في مسجد تقام فيه صلاة الجماعة ، وإن كان المعتكف ممن يجب عليهم الجمعة ويتخلل مدة اعتكافه جمعة ففي مسجد تقام فيه الجمعة أفضل . ولا يلزم له الصوم . والسنة ألا يزور المعتكف مريضاً أثناء اعتكافه ، ولا يجيب الدعوة ، ولا يقضي حوائج أهله ، ولا يشهد جنازة ، ولا يذهب إلى عمله خارج المسجد ؛ لما ثبت عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : " السنة على المعتكف ألا يعود مريضاً ، ولا يشهد جنازة ولا يمس امرأة ، ولا يباشرها ، ولا يخرج لحاجة إلا لما لابد منه " أخرجه أبو داوود 2473. اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء (10/410) . هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الاعتكافـــ أريد أن أعرف هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الاعتكافـــ . الحمد لله كان هديه صلى الله عليه وسلم في الاعتكاف أكمل هدي وأيسره . اعتكف مرة في العشر الأول ثم الأوسط يلتمس ليلة القدر ، ثم تبين له أنها في العشر الأخير فداوم على اعتكاف العشر الأخير حتى لحق بربه عز وجل . وترك مرة اعتكاف العشر الأخير فقضاه في شوال فاعتكف العشر الأول منه . رواه البخاري ومسلم . ولما كان العام الذي قُبض فيه اعتكف عشرين يوماً . رواه البخاري (2040) . "قِيلَ : السَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِلْم بِانْقِضَاءِ أَجَلِهِ فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَكْثِرَ مِنْ أَعْمَالِ الْخَيْرِ لِيُبَيِّنَ لأُمَّتِهِ الاجْتِهَادَ فِي الْعَمَل إِذَا بَلَغُوا أَقْصَى الْعَمَل لِيَلْقَوْا اللَّهَ عَلَى خَيْرِ أَحْوَالِهِمْ , وَقِيلَ : السَّبَبُ فِيهِ أَنَّ جِبْرِيل كَانَ يُعَارِضُهُ بِالْقُرْآنِ فِي كُلّ رَمَضَانَ مَرَّةً , فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ عَارَضَهُ بِهِ مَرَّتَيْنِ فَلِذَلِكَ اِعْتَكَفَ قَدْرَ مَا كَانَ يَعْتَكِف مَرَّتَيْنِ. وَأَقْوَى مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ إِنَّمَا اِعْتَكَفَ فِي ذَلِكَ الْعَام عِشْرِينَ لأَنَّهُ كَانَ الْعَام الَّذِي قَبْلَهُ مُسَافِرًا , وَيَدُلُّ لِذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَاللَّفْظ لَهُ وَأَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ اِبْن حِبَّانَ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيث أُبَيّ بْن كَعْب " أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْر الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَان , فَسَافَرَ عَامًا فَلَمْ يَعْتَكِف , فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ اِعْتَكَفَ عِشْرِينَ " اهـ من فتح الباري . وكان صلى الله عليه وسلم يأمر بخباء ( على مثل هيئة الخيمة ) فيضرب له في المسجد ، فيمكث فيه ، يخلو فيه عن الناس ، ويقبل على ربه تبارك وتعالى ، حتى تتم له الخلوة بصورة واقعية . واعتكف مرة في قُبَّة تركية (أي خيمة صغيرة) وجعل على بابها حصيراً . رواه مسلم (1167) . قال ابن القيم في "زاد المعاد" (2/90) : "كل هذا تحصيلاً لمقصود الاعتكاف وروحه ، عكس ما يفعله الجهال من اتخاذ المعتكف موضع عشرة ، ومجلبة للزائرين ، وأخذهم بأطراف الحديث بينهم ، فهذا لون ، والاعتكاف النبوي لون" اهـ . وكان دائم المكث في المسجد لا يخرج منه إلا لقضاء الحاجة ، قال عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها : (وَكَانَ لَا يَدْخُلُ الْبَيْتَ إِلا لِحَاجَةٍ إِذَا كَانَ مُعْتَكِفًا ) رواه البخاري (2029) ومسلم (297) . وفي رواية لمسلم : ( إِلا لِحَاجَةِ الإِنْسَانِ ) . وَفَسَّرَهَا الزُّهْرِيُّ بِالْبَوْلِ وَالْغَائِط . وكان صلى الله عليه وسلم يحافظ على نظافته فكان يخرج رأسه من المسجد إلى حجرة عائشة فتغسل له رأسه صلى الله عليه وسلم وتسرحه . روى البخاري (2028) ومسلم (297) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصْغِي إِلَيَّ رَأْسَهُ وَهُوَ مُجَاوِرٌ فِي الْمَسْجِدِ (أي : معتكف) فَأُرَجِّلُهُ وَأَنَا حَائِضٌ . وفي رواية للبخاري ومسلم : (فَأَغْسِلُهُ) . وترجيل الشعر تسريحه . قال الحافظ : "وَفِي الْحَدِيث جَوَاز التَّنَظُّفِ وَالتَّطَيُّبِ وَالْغَسْلِ وَالْحَلْقِ وَالتَّزَيُّن إِلْحَاقًا بِالتَّرَجُّلِ , وَالْجُمْهُور عَلَى أَنَّهُ لا يُكْرَهُ فِيهِ إِلا مَا يُكْرَه فِي الْمَسْجِدِ" اهـ . وكان من هديه صلى الله عليه وسلم إذا كان معتكفاً ألا يعود مريضاً ولا يشهد جنازة ، وذلك من أجل التركيز الكلي لمناجاة الله تعالى ، وتحقيق الحكمة من الاعتكاف وهي الانقطاع عن الناس والإقبال على الله تعالى . قالت عائشة : (السُّنَّةُ عَلَى الْمُعْتَكِفِ أَنْ لا يَعُودَ مَرِيضًا ، وَلا يَشْهَدَ جَنَازَةً ، وَلا يَمَسَّ امْرَأَةً وَلا يُبَاشِرَهَا ، وَلا يَخْرُجَ لِحَاجَةٍ إِلا لِمَا لا بُدَّ مِنْهُ ) . رواه أبو داود (2473) وصححه الألباني في صحيح أبي داود . "وَلا يَمَسَّ امْرَأَةً وَلا يُبَاشِرَهَا " تريد بذلك الجماع . قاله الشوكاني في "نيل الأوطار" . وكانت بعض أزواجه تزوره وهو معتكف صلى الله عليه وسلم فلما قامت لتذهب قام معها ليوصلها ، وكان ذلك ليلاً . فعن صَفِيَّةَ زَوْج النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزُورُهُ فِي اعْتِكَافِهِ فِي الْمَسْجِدِ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ ، فَتَحَدَّثَتْ عِنْدَهُ سَاعَةً ، ثُمَّ قَامَتْ تَنْقَلِبُ فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهَا يَقْلِبُهَا . أي : ليردها إلى منزلها . رواه البخاري (2035) ومسلم (2175) . وخلاصة القول كان اعتكافه صلى الله عليه وسلم يتسم باليسر وعدم التشدد ، وكان وقته كله ذكراً لله تعالى وإقبالاً على طاعته التماساً لليلة القدر . انظر : "زاد المعاد" لابن القيم (2/90) ، "الاعتكاف نظرة تربوية" للدكتور عبد اللطيف بالطو . الإسلام سؤال وجوابـــ من اعتكف العشر الأواخر ، متى يدخل ومتى يخرجــ ؟ أريد أن أعتكف العشر الأواخر من رمضان ، وأريد أن أعرف متى أدخل المسجد ومتى أخرج منه ؟. الحمد لله أولاً : أما دخول المعتكف فذهب جمهور العلماء ( منهم الأئمة الأربعة أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد رحمهم الله ) إلى أن من أراد أن يعتكف العشر الأواخر من رمضان فإنه يدخل قبل غروب الشمس من ليلة إحدى وعشرين ، واستدلوا على ذلك بعدة أدلة ، منها : 1- أنه ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان . متفق عليه . وهذا يدل على أنه كان يعتكف الليالي لا الأيام ، لأن العشر تمييز لليالي ، قال الله تعالى : ( وَلَيَالٍ عَشْرٍ ) الفجر/2. والعشر الأواخر تبدأ من ليلة إحدى وعشرين . فعلى هذا ، يدخل المسجد قبل غروب شمس ليلة إحدى وعشرين . 2- وقالوا : إن من أعظم ما يقصد من الاعتكاف التماس ليلة القدر ، وليلة إحدى وعشرين من ليالي الوتر في العشر الأواخر فيحتمل أن تكون ليلة القدر ، فينبغي أن يكون معتكفا فيها . قاله السندي في حاشيتة النسائي . وانظر : "المغني" (4/489) . لكن روى البخاري (2041) ومسلم (1173) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَلَّى الْفَجْرَ ثُمَّ دَخَلَ مُعْتَكَفَهُ . وقد قال بظاهر هذا الحديث بعض السلف وأنه يدخل معتكفه بعد صلاة الفجر . وبه أخذ علماء اللجنة الدائمة (10/411) ، والشيخ ابن باز (15/442) . لكن أجاب الجمهور عن هذا الحديث بأحد جوابين : الأول : أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان معتكفاً قبل غروب الشمس ولكنه لم يدخل المكان الخاص بالاعتكاف إلا بعد صلاة الفجر . قال النووي : ( إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِف صَلَّى الْفَجْر ثُمَّ دَخَلَ مُعْتَكَفه ) اِحْتَجَّ بِهِ مَنْ يَقُول : يَبْدَأ بِالاعْتِكَافِ مِنْ أَوَّل النَّهَار , وَبِهِ قَالَ الأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ , وَاللَّيْث فِي أَحَد قَوْلَيْهِ , وَقَالَ مَالِك وَأَبُو حَنِيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأَحْمَد : يَدْخُل فِيهِ قَبْل غُرُوب الشَّمْس إِذَا أَرَادَ اِعْتِكَاف شَهْر أَوْ اِعْتِكَاف عَشْر , وَأَوَّلُوا الْحَدِيث عَلَى أَنَّهُ دَخَلَ الْمُعْتَكَف , وَانْقَطَعَ فِيهِ , وَتَخَلَّى بِنَفْسِهِ بَعْد صَلَاته الصُّبْح , لا أَنَّ ذَلِكَ وَقْت اِبْتِدَاء الاعْتِكَاف , بَلْ كَانَ مِنْ قَبْل الْمَغْرِب مُعْتَكِفًا لابِثًا فِي جُمْلَة الْمَسْجِد , فَلَمَّا صَلَّى الصُّبْح اِنْفَرَدَ اهـ . الجواب الثاني : أَجَابَ به الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى مِنْ الْحَنَابِلَة بِحَمْلِ الْحَدِيث عَلَى أَنَّهُ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَل ذَلِكَ فِي يَوْم الْعِشْرِينَ . قال السندي : وَهَذَا الْجَوَاب هُوَ الَّذِي يُفِيدهُ النَّظَر ، فَهُوَ أَوْلَى وَبِالاعْتِمَادِ َأَحْرَى اهـ . وسئل الشيخ ابن عثيمين في "فتاوى الصيام" (ص 501) :متى يبتدئ الاعتكاف ؟ فأجاب : "جمهور أهل العلم على أن ابتداء الاعتكاف من ليلة إحدى وعشرين لا من فجر إحدى وعشرين ، وإن كان بعض العلماء ذهب إلى أن ابتداء الاعتكاف من فجر إحدى وعشرين مستدلاًّ بحديث عائشة رضي الله عنها عند البخاري : ( فلما صلى الصبح دخل معتكفه ) لكن أجاب الجمهور عن ذلك بأن الرسول عليه الصلاة والسلام انفرد من الصباح عن الناس ، وأما نية الاعتكاف فهي من أول الليل ، لأن العشر الأواخر تبتدىء من غروب الشمس يوم عشرين" اهـ . وقال أيضاً (ص 503) : "دخول المعتكِف للعشر الأواخر يكون دخوله عند غروب الشمس من ليلة إحدى وعشرين ، وذلك لأن ذلك وقت دخول العشر الأواخر، وهذا لا يعارضه حديث عائشة لأن ألفاظه مختلفة ، فيؤخذ بأقربها إلى المدلول اللغوي، وهو ما رواه البخاري (2041) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْتَكِفُ فِي كُلِّ رَمَضَانٍ وَإِذَا صَلَّى الْغَدَاةَ دَخَلَ مَكَانَهُ الَّذِي اعْتَكَفَ فِيهِ . فقولها : ( وَإِذَا صَلَّى الْغَدَاةَ دَخَلَ مَكَانَهُ الَّذِي اعْتَكَفَ فِيهِ ) يقتضي أنه سبق مكثُه دخولَه ( أي سبق مكثُه في المسجد دخولَه مكان الاعتكاف ) ، لأن قولها: ( اعتكف ) فعل ماض ، والأصل استعماله في حقيقته اهـ . ثانياً: وأما خروجه : فإنه يخرج إذا غربت الشمس من آخر يوم من أيام رمضان . سئل الشيخ ابن عثيمين : متى يخرج المعتكف من اعتكافه أبعد غروب شمس ليلة العيد أم بعد فجر يوم العيد ؟ فأجاب : "يخرج المعتكف من اعتكافه إذا انتهى رمضان ، وينتهي رمضان بغروب الشمس ليلة العيد" اهـ فتاوى الصيام (ص 502) . وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (10/411) : "وتنتهي مدة اعتكاف عشر رمضان بغروب شمس آخر يوم منه" اهـ . وإذا اختار البقاء حتى يصلي الفجر ويخرج من معتكفه إلى صلاة العيد فلا بأس ، فقد استحب ذلك بعض السلف . قال الإمام مَالِك رحمه الله إنَّهُ رَأَى بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ إِذَا اعْتَكَفُوا الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ لا يَرْجِعُونَ إِلَى أَهَالِيهِمْ حَتَّى يَشْهَدُوا الْفِطْرَ مَعَ النَّاسِ . قَالَ مَالِك : وَبَلَغَنِي ذَلِكَ عَنْ أَهْلِ الْفَضْلِ الَّذِينَ مَضَوْا وَهَذَا أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ فِي ذَلِكَ . وقال النووي في "المجموع" (6/323) : "قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالأَصْحَابُ : وَمَنْ أَرَادَ الاقْتِدَاءَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الاعْتِكَافِ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ لَيْلَةَ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ مِنْهُ , لِكَيْ لَا يَفُوتَهُ شَيْءٌ مِنْهُ , ويَخْرُجُ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ لَيْلَةَ الْعِيدِ , سَوَاءٌ تَمَّ الشَّهْرُ أَوْ نَقَصَ , وَالأَفْضَلُ أَنْ يَمْكُثَ لَيْلَةَ الْعِيدِ فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى يُصَلِّيَ فِيهِ صَلَاةَ الْعِيدِ , أَوْ يَخْرُجَ مِنْهُ إلَى الْمُصَلَّى لِصَلاةِ الْعِيدِ إنْ صَلُّوهَا فِي الْمُصَلَّى" اهـ . وإذا خرج من الاعتكاف مباشرة إلى صلاة العيد فيستحب له أن يغتسل قبل الخروج إليها ويتجمل ، لأن هذا من سنن العيد . راجع تفصيل ذلك في السؤال (36442) . الإسلام سؤال وجوابــ الاعتكاف في غرفةٍ داخل المسجد هل تعتبر غرفة الحارس وغرفة لجنة الزكاة في المسجد صالحة للاعتكاف فيها ؟ علماً بأن أبواب هذه الغرف في داخل المسجد. الحمد لله الغرف التي داخل المسجد وأبوابها مفتوحة على المسجد لها حكم المسجد ، وبناءً عليه فيجوز الاعتكاف فيها ؛ لأنها من المسجد . أما لو كان بناءها خارج المسجد فلا يصح الاعتكاف فيها حتى لو كان لها باب داخل المسجد . فتاوى اللجنة الدائمة (10/411) هل يجوز للمعتكف الخروج من المسجد أود أن أعرف كيفية الاعتكاف في المسجد في العشر الأواخر من رمضان علماً بأنني أعمل وعملي ينتهي الساعة الثانية ظهراً ، وهل يجب أن أقيم إقامة دائمة في المسجد؟. الحمد لله خروج المعتكف من المسجد يبطل الاعتكاف ، لأن الاعتكاف هو المكث في المسجد لطاعة الله تعالى . إلا إذا خرج لما لا بد منه ، كقضاء الحاجة ، والوضوء ، والاغتسال ، وإحضار الطعام إذا كان ليس له من يحضره له إلى المسجد ، ونحو ذلك من الأمور التي لا بد منها ولا يمكن فعلها في المسجد . روى البخاري (2092) ومسلم (297) عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَدْخُلُ الْبَيْتَ إِلا لِحَاجَةِ الإِنْسَانِ إِذَا كَانَ مُعْتَكِفًا . قال ابن قدامة رحمه الله في المغني : (4/466) : وَالْمُرَادُ بِحَاجَةِ الإِنْسَانِ الْبَوْلُ وَالْغَائِطُ , كَنَّى بِذَلِكَ عَنْهُمَا ; لأنَّ كُلَّ إنْسَانٍ يَحْتَاجُ إلَى فِعْلِهِمَا , وَفِي مَعْنَاهُ الْحَاجَةُ إلَى الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ , إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْ يَأْتِيهِ بِهِ , فَلَهُ الْخُرُوجُ إلَيْهِ إذَا احْتَاجَ إلَيْهِ . . . وَكُلُّ مَا لا بُدَّ لَهُ مِنْهُ , وَلا يُمْكِنُ فِعْلُهُ فِي الْمَسْجِدِ , فَلَهُ الْخُرُوجُ إلَيْهِ , وَلا يَفْسُدُ اعْتِكَافُهُ وَهُوَ عَلَيْهِ , مَا لَمْ يُطِلْ اهـ . وخروج المعتكف لعمله مما ينافي الاعتكاف . سئلت اللجنة الدائمة : هل يجوز للمعتكف أن يزور مريضاً أو يجيب الدعوة أو يقضي حوائج أهله أو يتبع جنازة أو يذهب إلى العمل ؟ فأجابت : السنة ألا يزور المعتكف مريضاً أثناء اعتكافه ، ولا يجيب الدعوة ، ولا يقضي حوائج أهله ، ولا يشهد جنازة ، ولا يذهب إلى عمله خارج المسجد ، لما ثبت عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : ( السُّنَّةُ عَلَى الْمُعْتَكِفِ أَنْ لا يَعُودَ مَرِيضًا ، وَلا يَشْهَدَ جَنَازَةً ، وَلا يَمَسَّ امْرَأَةً وَلا يُبَاشِرَهَا ، وَلا يَخْرُجَ لِحَاجَةٍ إِلا لِمَا لا بُدَّ مِنْهُ ) رواه أبو داود (2473) اهـ . فتاوى اللجنة الدائمة (10/410) . الإسلام سؤال وجوابـــ حكم الاعتكاف وأدلة مشروعيته ما حكم الاعتكافـــ ؟. الحمد لله أولا : الاعتكاف مشروع بالكتاب والسنة والإجماع . أما الكتاب : فقوله تعالى : ( وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ) البقرة/125 وقوله : ( وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ) البقرة/187 . وأما السنة فأحاديث كثيرة منها حديث عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ ) رواه البخاري (2026) ومسلم (1172) . وأما الإجماع ، فنقل غير واحد من العلماء الإجماع على مشروعية الاعتكاف . كالنووي وابن قدامة وشيخ الإسلام ابن تيمية وغيرهم . انظر المجموع (6/404) ، والمغني (4/456) ، وشرح العمدة (2/711) . وقال الشيخ ابن باز في مجموع الفتاوى (15/437) : "لا ريب أن الاعتكاف في المسجد قربة من القرب ، وفي رمضان أفضل من غيره .. وهو مشروع في رمضان وغيره" اهـ باختصار . ثانيا : حكم الاعتكاف . الأصل في الاعتكاف أنه سنة وليس بواجب ، إلا إذا كان نذرا فيجب ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلا يَعْصِهِ ) رواه البخاري (6696) . ولأن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي نَذَرْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ . قَالَ : ( أَوْفِ بِنَذْرِكَ ) (6697) . وقال ابن المنذر في كتابه "الإجماع" (ص53) : "وأجمعوا على أن الاعتكاف سنة لا يجب على الناس فرضا إلا أن يوجبه المرء على نفسه نذرا فيجب عليه" اهـ . انظر كتاب "فقه الاعتكاف" للدكتور خالد المشيقح . ص 31 . الإسلام سؤال وجوابـــ أقل زمن للاعتكافـــ ما أقل مقدار للاعتكاف ؟ فهل يمكن أن أعتكف وقتا قصيراً أم لا بد من اعتكاف عدة أيام ؟. الحمد لله اختلف العلماء في أقل زمن للاعتكاف . فذهب جمهور العلماء إلى أن أقله لحظة ، وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي وأحمد . انظر : الدر المختار (1/445) ، المجموع (6/489) ، الإنصاف (7/566) . قال النووي في المجموع (6/514) : وَأَمَّا أَقَلُّ الاعْتِكَافِ فَالصَّحِيحُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لُبْثٌ فِي الْمَسْجِدِ , وَأَنَّهُ يَجُوزُ الْكَثِيرُ مِنْهُ وَالْقَلِيلُ حَتَّى سَاعَةٍ أَوْ لَحْظَةٍ اهـ باختصار . واستدلوا على هذا بعدة أدلة : 1- أن الاعتكاف في اللغة هو الإقامة ، وهذا يصدق على المدة الطويلة والقصيرة ولم يرد في الشرع ما يحدده بمدة معينة . قال ابن حزم : "والاعتكاف في لغة العرب الإقامة .. فكل إقامة في مسجد لله تعالى بنية التقرب إليه اعتكاف .. مما قل من الأزمان أو كثر ، إذ لم يخص القرآن والسنة عدداً من عدد ، ووقتاً من وقت" اهـ . المحلى (5/179) . 2- روى ابن أبي شيبة عن يعلى بن أمية رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : إني لأمكث في المسجد الساعة ، وما أمكث إلا لأعتكف . احتج به ابن حزم في المحلى (5/179) وذكره الحافظ في الفتح وسكت عليه . والساعة هي جزء من الزمان وليست الساعة المصطلح عليها الآن وهي ستون دقيقة . وذهب بعض العلماء إلى أن أقل مدته يوم وهو رواية عن أبي حنيفة وقال به بعض المالكية . وقال الشيخ ابن باز في مجموع الفتاوى (15/441) : "الاعتكاف هو المكث في المسجد لطاعة الله تعالى سواء كانت المدة كثيرة أو قليلة ، لأنه لم يرد في ذلك فيما أعلم ما يدل على التحديد لا بيوم ولا بيومين ولا بما هو أكثر من ذلك ، وهو عبادة مشروعة إلا إذا نذره صار واجبا بالنذر وهو في المرأة والرجل سواء" اهـ . الإسلام سؤال وجوابــ ثواب الاعتكافــ الحمد لله أولا : الاعتكاف مشروع ، وهو قربة إلى الله جل وعلا . راجع السؤال رقم (48999) . فإذا ثبت هذا ، فقد جاءت أحاديث كثيرة ترغب في التقرب إلى الله تعالى بنوافل العبادات ، وهذه الأحاديث بعمومها تشمل كل عبادة ومنها الاعتكاف . فمن هذه الأحاديث : قول الله سبحانه وتعالى في الحديث القدسي : ( وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا ، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا ، وَإِنْ سَأَلَنِي لأُعْطِيَنَّهُ ، وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ ) . رواه البخاري (6502) . ثانيا : وردت أحاديث في فضل الاعتكاف وبيان ثوابه إلا أنها كلها ضعيفة أو موضوعة . قال أبو داود : قلت لأحمد (يعني الإمام أحمد بن حنبل) : تعرف في فضل الاعتكاف شيئا ؟ قال : لا ، إلا شيئا ضعيفا اهـ . مسائل أبي داود (ص96) . ومن هذه الأحاديث : 1- روى ابن ماجه (1781) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي الْمُعْتَكِفِ : ( هُوَ يَعْكِفُ الذُّنُوبَ ، وَيُجْرَى لَهُ مِنْ الْحَسَنَاتِ كَعَامِلِ الْحَسَنَاتِ كُلِّهَا ) . ضعفه الألباني في ضعيف ابن ماجه . ( يَعْكِفُ الذُّنُوب ) أي : يَمْنَع الذُّنُوب. قاله السندي . 2- روى الطبراني والحاكم والبيهقي وضعفه عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من اعتكف يوما ابتغاء وجه الله جعل الله بينه وبين النار ثلاث خنادق أبعد مما بين الخافقين ) . ضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة (5345). والخافقان المشرق والمغرب . 3- روى الديلمي عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من اعتكف إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ) ضعفه الألباني في ضعيف الجامع (5442) . 4- روى البيهقي وضعفه عن الحسين بن علي رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من اعتكف عشرا في رمضان كان كحجتين وعمرتين ) . ذكره الألباني في "السلسلة الضعيفة" ". (518) وقال : موضوع . الإسلام سؤال وجوابــ لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة سمعت حديثاً أن الاعتكاف لا يصح إلا في المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى ، فهل هذا الحديث صحيح ؟. الحمد لله أولاً : هذا الحديث الذي أشار إليه السائل رواه البيهقي (4/315) عن حذيفة أنه قال لعبد الله ابن مسعود رضي الله عنهما : مررت على أناس عكوف بين دارك ، ودار أبي موسى ، ( يعني في المسجد ) وقد علمت أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال : ( لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة : المسجد الحرام ) . فقال عبد اللّه بن مسعود : لعلك نسيت وحفظوا ، وأخطأت وأصابوا . صححه الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (2876) . ثانياً : وأما حكم المسألة فذهب جماهير العلماء إلى أن الاعتكاف لا يشترط له أن يكون في أحد المساجد الثلاثة، واستدلوا على ذلك بقوله تعالى : (وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ) البقرة/187. ولفظ المساجد في الآية عام فيشمل كل المساجد ، إلا ما دل الدليل على عدم صحة الاعتكاف فيه كالمسجد الذي لا تقام فيه صلاة الجماعة إذا كان المعتكف ممن تجب عليه صلاة الجماعة . انظر السؤال رقم : ( 48985 ) وقد أشار الإمام البخاري رحمه الله إلى الاستدلال بعموم الآية ، فقال : "بَاب الاعْتِكَافِ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ وَالاعْتِكَافِ فِي الْمَسَاجِدِ كُلِّهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى : ( وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ )" اهـ. ولم يزل عمل المسلمين على الاعتكاف في مساجد بلدانهم . كما ذكره الطحاوي رحمه الله في "مشكل الآثار" (4/205) . وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى : عن حكم الاعتكاف في المساجد الثلاثة: المسجد الحرام ، والمسجد النبوي ، والمسجد الأقصى ، وجزاكم الله خيراً ؟ فأجاب : "الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة وهي المسجد الحرام ، والمسجد النبوي ، والمسجد الأقصى مشروع في وقته ، ولا يختص بالمساجد الثلاثة ، بل يكون فيها وفي غيرها من المساجد ، هذا قول أئمة المسلمين أصحاب المذاهب المتبوعة كالإمام أحمد ، ومالك ، والشافعي ، وأبي حنيفة وغيرهم رحمهم الله لقوله تعالى : ( وَلاَ تباشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كذلك يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُون َ) ولفظ المساجد عام لجميع المساجد في أقطار الأرض ، وقد جاءت هذه الجملة في آخر آيات الصيام الشامل حكمها لجميع الأمة في جميع الأقطار ، فهي خطاب لكل من خوطبوا بالصوم ، ولهذا ختمت هذه الأحكام المتحدة في السياق والخطاب بقوله تعالى : ( تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كذلك يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ) . ومن البعيد جداً أن يخاطب الله الأمة بخطاب لا يشمل إلا أقل القليل منهم ، أما حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه : ( لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة ) فهذا إن سلم من القوادح فهو نفي للكمال ، يعني أن الاعتكاف الأكمل ما كان في هذه المساجد الثلاثة ، وذلك لشرفها وفضلها على غيرها . ومثل هذا التركيب كثير، ـ أعني أن النفي قد يراد به نفي الكمال ، لا نفي الحقيقة والصحة ـ مثل قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا صلاة بحضرة طعام ) وغيره . ولا شك أن الأصل في النفي أنه نفي للحقيقة الشرعية أو الحسية ، لكن إذا وجد دليل يمنع ذلك تعين الأخذ به ، كما في حديث حذيفة. هذا على تقدير سلامته من القوادح ، والله أعلم" اهـ . "فتاوى الصيام" (ص 493) . وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله : ما صحة الحديث ( لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة ) وإن صح الحديث هل يعني فعلاً لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة ؟ فأجاب : يصح الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة إلا أنه يشترط في المسجد الذي يعتكف فيه إقامة الجماعة فيه ، فإن كانت لا تقام فيه صلاة الجماعة لم يصح الاعتكاف فيه ، إلا إذا نذر الاعتكاف في المساجد الثلاثة فإنه يلزمه الاعتكاف بها وفاء لنذره" اهـ . "مجموع فتاوى ابن باز" (15/444) . الإسلام سؤال وجوابــ الاعتكاف مشروع في رمضان وغيره هل الاعتكاف يكون في أي وقت ؟ أم أنه لا يكون إلا في رمضان ؟. الحمد لله الاعتكاف سنة في كل وقت ، في رمضان وغيره ، لكنه في رمضان أفضل ، وآكده في العشر الأخير من رمضان . ويدل على ذلك عموم أدلة استحباب الاعتكاف ، فإنها تشمل رمضان وغيره . راجع السؤال رقم (48999) قال النووي في المجموع (6/501) : " الاعْتِكَافُ سُنَّةٌ بِالإِجْمَاعِ وَلا يَجِبُ إلا بِالنَّذْرِ بِالإِجْمَاعِ , وَيُسْتَحَبُّ الإِكْثَارُ مِنْهُ , وَيُسْتَحَبُّ وَيَتَأَكَّدُ اسْتِحْبَابُهُ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ" اهـ . وقال أيضاً (6/514) : "وَأَفْضَلُهُ مَا كَانَ بصوم , وَأَفْضَلُهُ شَهْرُ رَمَضَانَ, وَأَفْضَلُهُ الْعَشْرُ الأَوَاخِرُ مِنْهُ" اهـ . قال الألباني في "قيام رمضان" : "الاعتكاف سنة في رمضان وغيره من أيام السنة ، والأصل في ذلك قوله تعالى: ( وأنتم عاكفون في المساجد ) ، مع توارد الأحاديث الصحيحة في اعتكافه صلى الله عليه وسلم ، وتواتر الآثار عن السلف بذلك . . . وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتكف عشرا من شوال . متفق عليه . . وأن عمر قال للنبي صلى الله عليه وسلم: كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام ؟ قال: ( فأوف بنذرك) . فاعتكف ليلة . متفق عليه . وآكده في رمضان لحديث أبي هريرة : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف في كل رمضان عشرة أيام ، فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوما ) رواه البخاري . . وأفضله آخر رمضان ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل . متفق عليه اهـ باختصار وتصرف . وقال الشيخ ابن باز في مجموع الفتاوى (15/437) : "لا ريب أن الاعتكاف في المسجد قربة من القرب ، وفي رمضان أفضل من غيره .. وهو مشروع في رمضان وغيره" اهـ باختصار . انظر كتاب "فقه الاعتكاف" للدكتور خالد المشيقح. ص 41 . الإسلام سؤال وجوابــ لا يصح اعتكاف الرجل والمرأة إلا في المسجد هل للمرأة أن تعتكف في بيتها ؟. الحمد لله اتفق العلماء على أن الرجل لا يصح اعتكافه إلا في المسجد ، لقول الله تعالى : ( وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ) البقرة/187 . فخص الاعتكاف بأنه في المساجد . انظر المغني (4/461) . وأما المرأة فذهب جمهور العلماء إلى أنها كالرجل لا يصح اعتكافها إلا في المسجد للآية السابقة ( وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِد ِ) البقرة/187 . ولأن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم استأذنه في الاعتكاف في المسجد فأذن لهن ، وكُنَّ يعتكفن في المسجد بعد وفاته صلى الله عليه وسلم . ولو كان اعتكاف المرأة في بيتها جائزا لأرشدهن النبي صلى الله عليه وسلم إليه لأن استتار المرأة في بيتها أفضل من خروجها إلى المسجد . وذهب بعض العلماء إلى أن المرأة يصح اعتكافها في مسجد بيتها وهو الموضع الذي جعلته للصلاة في بيتها . ومنع جمهور العلماء ذلك وقالوا : إن مسجد بيتها لا يسمى مسجدا إلا على سبيل التجوز وليس هو مسجدا على سبيل الحقيقة فلا يأخذ أحكام المسجد ولذلك يجوز دخوله للجنب والحائض . انظر "المغني" (4/464) . قال النووي في المجموع (6/505) : " لا يَصِحُّ الاعْتِكَافُ مِنْ الرَّجُلِ وَلا مِنْ الْمَرْأَةِ إلا فِي الْمَسْجِدِ , وَلا يَصِحُّ فِي مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَرْأَةِ وَلا مَسْجِدِ بَيْتِ الرَّجُلِ وَهُوَ الْمُعْتَزَلُ الْمُهَيَّأُ لِلصَّلاةِ" اهـ . وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى في مجموع الفتاوى (20/264) : المرأة إذا أرادت الاعتكاف فأين تعتكف ؟ فأجاب: المرأة إذا أرادت الاعتكاف فإنما تعتكف في المسجد إذا لم يكن في ذلك محذور شرعي ، وإن كان في ذلك محذور شرعي فلا تعتكف اهـ . وفي "الموسوعة الفقهية" (5/212) : "اخْتَلَفُوا فِي مَكَانِ اعْتِكَافِ الْمَرْأَةِ : فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّهَا كَالرَّجُلِ لا يَصِحُّ اعْتِكَافُهَا إلا فِي الْمَسْجِدِ , وَعَلَى هَذَا فَلا يَصِحُّ اعْتِكَافُهَا فِي مَسْجِدِ بَيْتِهَا , لِمَا وَرَدَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ امْرَأَةٍ جَعَلَتْ عَلَيْهَا ( أَيْ نَذَرَتْ ) أَنْ تَعْتَكِفَ فِي مَسْجِدِ بَيْتِهَا , فَقَالَ : " بِدْعَةٌ , وَأَبْغَضُ الأَعْمَالِ إلَى اللَّهِ الْبِدَعُ . فَلا اعْتِكَافَ إلا فِي مَسْجِدٍ تُقَامُ فِيهِ الصَّلاةُ . وَلأَنَّ مَسْجِدَ الْبَيْتِ لَيْسَ بِمَسْجِدٍ حَقِيقَةً وَلا حُكْمًا , فَيَجُوزُ تَبْدِيلُهُ , وَنَوْمُ الْجُنُبِ فِيهِ , وَكَذَلِكَ لَوْ جَازَ لَفَعَلَتْهُ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ - رضي الله عنهن - وَلَوْ مَرَّةً تَبْيِينًا لِلْجَوَازِ" اهـ . المصـــدر http://www.islamqa.com/ar/cat/2031 الإسلام سؤال وجوابــ تجميع لسلاسل صوتية للدكتور عبد الله بدر ومنها سلاسل ترفع لأول مرة ::بشرى لراغبي حفظ كتاب الله:: القرآن الكريم مقسم لأرباع لعد من الشيوخ:: تجميع برامج الرحمة رمضان 1431 البرنامج المستخدم في تقسيم المصاحف لأرباع وبالشرح برسالة جوال واحدة من الممكن أن يهدي بك الله شخص غير مسلم فلا تبخل على نفسك بالأجر مقاطع مؤثرة ومبكية للشيخ أشرف عبد الباري حفظه الله إمام مسجد سيد المرسلين بروض الفرج

رد: الاعتكاف( شروطه،ثوابه،حكمه،أدلته،هدي الحبيب فيه)) جزاكم الله خيرا فديتك روحاً تراءت ضياء .. تعالت فضجَّت ملاك السماء وراح يُحلق تحت الإله .. يطير بفردوسه حيث شاء ويلقى الأحبة في جنة .. يُناغي بها ثلة الشهداء يقلِّب طرفاً له في الجنان .. أحقاً رحلنا وزال العناء أحقاً لفحت رياح النعيم .. وخلَّفت خلفي رياح الجفاء أحقاً سألقى حواري الخلود .. ويُطربني لحنها بالغناء ويلتف غصني على غصنها .. فيورق زهر الهوى والهناء فطلَّت بثغر كدرِّ الجمان .. هلمَّ لجيد كبدر المساء وضمَّت فؤادي وقالت بدمعٍ .. لقد طال عهد انتظار اللقاء وجفَّت ينابيعنا لهفة .. فإنا لفيض الغرام ضماء نذوب اشتياقاً إلى ضمَّة .. تُريح الفؤاد وتجلو العناء مرضت وما بيَّ من علِّة .. فشوقي دائي وأنت الدواء أُربَّى لأجلك في الخِدر دهراً .. كلؤلؤة حفها الكبرياء تضرَّم صدري شوقاً إليك .. ومازلت أكتم شوقي حياء وأرمُق خطوك في المعمعة .. فيزداد شوقي هوىً واشتهاء فلمَّا استقرت رصاص العداة .. بروحك أرسلتها للسماء وذلك ما كنت ترنو له .. فأملاك مولاك ذاك الرجاء يُعَزون فيك ولم يعلموا .. بماذا أُعدَّ لكم من عزاء وقد آن للثغر أن يرتوي .. ويلثم ثغراً نقي البهاء وهبت لمولاك روح الفداء .. فكنتَ المجازى وكنتُ الجزاء فذابا عناقاً وهاما وصالاً .. وأُسدل ستر الأسى والشقاء

Léنبداء اليوم بالمقدمة ومؤلف الكتاب رياض الصالحين تأليف الإمام أبي زكريا يحيى بن شرف النووي الدمشقيّ 631 – 676 هـ مقـــدمة المؤلف الحمد لله الواحد القهار، العزيز الغفار، مكور الليل على النهار، تذكرة لأولي القلوب والأبصار، وتبصرة لذوى الألباب والاعتبار، الذى أيقظ من خلقه من اصطفاه فزهدهم في هذه الدار، وشغلهم بمراقبته وإدامه الإفكار، وملازمة الاتعاظ والادكار، ووفقهم للدأب في طاعته، والتأهب لدار القرار، والحذر مما يسخطه ويوجب دار البوار، والمحافظة على ذلك مع تغاير الأحوال والأطوار‏.‏ أحمده أبلغ حمدٍ وأزكاه وأشمله وأنماه‏.‏ وأشهد أن لا إله إلا الله البر الكريم، الرؤف الرحيم، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وحبيبة وخليله، الهادى إلى صراط مستقيم، والداعى إلى دين قويم‏.‏ صلوات الله وسلامه عليه، وعلى سائر النبين، وآل كل، وسائر الصالحين‏.‏ أما بعد‏:‏ فقد قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون‏}‏ ‏[‏الذاريات‏:‏ 56،75‏]‏ وهذا تصريح بأنهم خلقوا للعبادة، فحق عليهم الاعتناء بما خلقوا له والإعراض عن حظوظ الدنيا بالزهادة، فإنها دار نفادٍ لا محل إخلادٍ، ومركب عبور لا منزل حبور، ومشروع انفصام لا موطن دوام‏.‏ فلهذا كان الأيقاظ من أهلها هم العباد، وأعقل النار فيها هم الزهاد‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏إنما مثل الحياة الدنيا كماءٍ أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلاً أو نهاراً فجعلناها حصيداً كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون‏}‏ ‏[‏ يونس‏:‏ 24‏]‏ في هذا المعنى كثيرة ولقد أحسن القائل‏:‏ إن لله عبادًا فُطـــنا ** طلقوا الدنيا وخافوا الفتنـا نظروا فيها فلما علموا ** أنها ليست لحي وطنـــا جعلوها لُجة واتخـذوا ** صالح الأعمال فيها سفنـا فإذا كان حالها ما وصفته، وحالنا وما خلقنا له ما قدمته، فحق على المكلف أن يذهب بنفسه مذهب الأخيار، ويسلك مسلك أولى النهى والأبصار، ويتأهب لما أشرت إليه، ويهتم بما نبهت عليه‏.‏ أصوب طريق له في ذلك، وأشد ما يسلكه من المسالك‏:‏ التأدب بما صح عن نبيناً سيد الأولين والآخرين، وقد قال الله تعالى‏:‏‏{‏ وتعاونوا على البر والتقوى‏}‏ ‏[‏ المائدة‏:‏2‏]‏ وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏"‏والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه‏"‏ وأنه قال‏:‏‏"‏من دل على خير فله مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً‏"‏ وأنه قال لعلى رضي الله عنه‏:‏ ‏"‏فوالله لأن يهدى الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم‏"‏‏.‏ فرأيت أن أجمع مختصراً من الأحاديث الصحيحة، مشتملاً على ما يكون طريقاً لصاحبه إلى الآخرة، ومحصلاً لآدابه الباطنة والظاهرة، جامعاً للترغيب والترهيب وسائر أنواع آداب السالكين‏:‏ من أحاديث الزهد، ورياضات النفوس، وتهذيب الأخلاق، وطهارات القلوب وعلاجها، وصيانة الجوارح وإزالة اعوجاجها، وغير ذلك من مقاصد العارفين‏.‏ وألتزم فيه أن لا أذكر إلا حديثاً صحيحاً من الواضحات، مضافاً إلى الكتب الصحيحة المشهورات، وأصدر الأبواب من القرآن العزيز بآيات كريمات، وأوشح ما يحتاج إلى ضبط أو شرح معنى خفى بنفائس من التنبيهات‏.‏ وإذا قلت في آخر حديث‏:‏ متفق عليه، فمعناه‏:‏ رواه البخاري ومسلم‏.‏ وأرجو إن تم هذا الكتاب أن يكون سائقاً للمعتنى به إلى الخيرات، حاجزاً له عن أنواع القبائح والمهلكات‏.‏ وأنا سائل أخاً انتفع بشئ منه أن يدعو لي، ولوالدى، ومشايخى، وسائر أحبابنا، والمسلمين أجمعين، وعلى الله الكريم اعتمادى، وإليه تفويضى واستنادى، وحسبى الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم‏.‏ __________________ __________________ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ Léبسم الله الرحمن الرحيم باب الإِخلاصِ وإحضار النيَّة في جميع الأعمال والأقوال والأحوال البارزة والخفيَّة قَالَ اللَّه تعالى : { وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ } . وقَالَ تعالى : { لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ } . وقَالَ تعالى : { قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ } . 1- وعَنْ أَميرِ الْمُؤْمِنِينَ أبي حفْصٍ عُمرَ بنِ الْخَطَّابِ بْن نُفَيْل بْنِ عَبْد الْعُزَّى بن رياح بْن عبدِ اللَّهِ بْن قُرْطِ بْنِ رزاح بْنِ عَدِيِّ بْن كَعْبِ بْن لُؤَيِّ بن غالبٍ القُرَشِيِّ العدويِّ . رضي الله عنه ، قال : سمعْتُ رسُولَ الله صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يقُولُ « إنَّما الأَعمالُ بالنِّيَّات ، وإِنَّمَا لِكُلِّ امرئٍ مَا نَوَى ، فمنْ كانَتْ هجْرَتُهُ إِلَى الله ورَسُولِهِ فهجرتُه إلى الله ورسُولِهِ ، ومنْ كاَنْت هجْرَتُه لدُنْيَا يُصيبُها ، أَو امرَأَةٍ يَنْكحُها فهْجْرَتُهُ إلى ما هَاجَر إليْهِ » متَّفَقٌ على صحَّتِه. رواهُ إِماما المُحَدِّثِين: أَبُو عَبْدِ الله مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعيل بْن إِبْراهيمَ بْن الْمُغيرة بْن برْدزْبَهْ الْجُعْفِيُّ الْبُخَارِيُّ، وَأَبُو الحُسَيْنِى مُسْلمُ بْن الْحَجَّاجِ بن مُسلمٍ القُشَيْريُّ النَّيْسَابُوريُّ رَضَيَ الله عَنْهُمَا في صَحيحيهِما اللَّذَيْنِ هما أَصَحُّ الْكُتُبِ الْمُصَنَّفَة . __________________ __________________ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ رد مع اقتباس Lé رد: رياض الصالحين 2- وَعَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أُمِّ عَبْدِ اللَّهِ عَائشَةَ رَضيَ الله عنها قالت: قال رسول الله صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: «يَغْزُو جَيْشٌ الْكَعْبَةَ فَإِذَا كَانُوا ببيْداءَ مِنَ الأَرْضِ يُخْسَفُ بأَوَّلِهِم وَآخِرِهِمْ ». قَالَتْ : قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، كَيْفَ يُخْسَفُ بَأَوَّلِهِم وَآخِرِهِمْ وَفِيهِمْ أَسْوَاقُهُمْ وَمَنْ لَيْسَ مِنهُمْ ،؟ قَالَ : «يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِم وَآخِرِهِمْ ، ثُمَّ يُبْعَثُون عَلَى نِيَّاتِهِمْ » مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ : هذا لَفْظُ الْبُخَارِيِّ . 3- وعَنْ عَائِشَة رَضِيَ الله عنْهَا قَالَت قالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : «لا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ، وَلكنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ ، وَإِذَا اسْتُنْفرِتُمْ فانْفِرُوا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . وَمَعْنَاهُ : لا هِجْرَةَ مِنْ مَكَّةَ لأَنَّهَا صَارَتْ دَارَ إِسْلامٍ . __________________ __________________ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ

رد: رياض الصالحين 4- وعَنْ أبي عَبْدِ اللَّهِ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيِّ رضِيَ الله عنْهُمَا قَالَ : كُنَّا مَع النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم في غَزَاة فَقَالَ : «إِنَّ بِالْمَدِينَةِ لَرِجَالاً مَا سِرْتُمْ مَسِيراً ، وَلاَ قَطَعْتُمْ وَادِياً إِلاَّ كانُوا مَعكُم حَبَسَهُمُ الْمَرَضُ» وَفِي روايَةِ : «إِلاَّ شَركُوكُمْ في الأَجْرِ» رَواهُ مُسْلِمٌ . ورواهُ البُخَارِيُّ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : رَجَعْنَا مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ مَعَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم فَقَالَ: «إِنَّ أَقْوَامَاً خلْفَنَا بالمدِينةِ مَا سَلَكْنَا شِعْباً وَلاَ وَادِياً إِلاَّ وَهُمْ مَعَنَا ، حَبَسَهُمْ الْعُذْرُ». 5- وَعَنْ أبي يَزِيدَ مَعْنِ بْن يَزِيدَ بْنِ الأَخْنسِ رضي الله عَنْهمْ، وَهُوَ وَأَبُوهُ وَجَدّهُ صَحَابِيُّونَ، قَال: كَانَ أبي يَزِيدُ أَخْرَجَ دَنَانِيرَ يَتصَدَّقُ بِهَا فَوَضَعَهَا عِنْدَ رَجُلٍ في الْمَسْجِدِ فَجِئْتُ فَأَخَذْتُهَا فَأَتيْتُهُ بِهَا . فَقَالَ : وَاللَّهِ مَا إِيَّاكَ أَرَدْتُ ، فَخَاصمْتُهُ إِلَى رسول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم فَقَالَ: «لَكَ مَا نويْتَ يَا يَزِيدُ ، وَلَكَ مَا أَخذْتَ يَا مَعْنُ » 6- وَعَنْ أبي إِسْحَاقَ سعْدِ بْنِ أبي وَقَّاصٍ مَالك بن أُهَيْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهرةَ بْنِ كِلابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كعْبِ بنِ لُؤىٍّ الْقُرشِيِّ الزُّهَرِيِّ رضِي اللَّهُ عَنْهُ، أَحدِ الْعَشرة الْمَشْهودِ لَهمْ بِالْجَنَّة ، رضِي اللَّهُ عَنْهُم قال: « جَاءَنِي رسولُ الله صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يَعُودُنِي عَامَ حَجَّة الْوَداعِ مِنْ وَجعٍ اشْتدَّ بِي فَقُلْتُ : يا رسُول اللَّهِ إِنِّي قَدْ بلغَ بِي مِن الْوجعِ مَا تَرى ، وَأَنَا ذُو مَالٍ وَلاَ يَرثُنِي إِلاَّ ابْنةٌ لِي ، أَفأَتصَدَّق بثُلُثَىْ مالِي؟ قَالَ: لا ، قُلْتُ : فالشَّطُر يَارسوُلَ الله ؟ فقالَ :لا، قُلْتُ فالثُّلُثُ يا رسول اللَّه؟ قال: الثُّلثُ والثُّلُثُ كثِيرٌ أَوْ كَبِيرٌ إِنَّكَ إِنْ تَذرَ وَرثتك أغنِياءَ خَيْرٌ مِن أَنْ تذرهُمْ عالَةً يَتكفَّفُونَ النَّاس ، وَإِنَّكَ لَنْ تُنفِق نَفَقةً تبْتغِي بِهَا وجْهَ الله إِلاَّ أُجرْتَ عَلَيْهَا حَتَّى ما تَجْعلُ في امْرَأَتكَ قَال: فَقلْت: يَا رَسُولَ الله أُخَلَّفَ بَعْدَ أَصْحَابِي؟ قَال: إِنَّك لن تُخَلَّفَ فتعْمَل عَمَلاً تَبْتغِي بِهِ وَجْهَ الله إلاَّ ازْددْتَ بِهِ دَرجةً ورِفعةً ولعَلَّك أَنْ تُخلَّف حَتَى ينْتفعَ بكَ أَقَوامٌ وَيُضَرَّ بك آخرُونَ. اللَّهُمَّ أَمْضِ لأِصْحابي هجْرتَهُم، وَلاَ ترُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهم، لَكن الْبائسُ سعْدُ بْنُ خـوْلَةَ « يرْثى لَهُ رسولُ الله صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم» أَن مَاتَ بمكَّةَ » متفقٌ عليه . 7- وَعَنْ أبي هُريْرة عَبْدِ الرَّحْمن بْنِ صخْرٍ رضي الله عَنْهُ قال : قالَ رَسُولُ الله صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: «إِنَّ الله لا يَنْظُرُ إِلى أَجْسامِكْم ، وَلا إِلى صُوَرِكُمْ ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعمالِكُمْ » رواه مسلم . __________________ __________________ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ 8- وعَنْ أبي مُوسَى عبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ الأَشعرِيِّ رضِي الله عنه قالَ: سُئِلَ رسول الله صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم عَنِ الرَّجُلِ يُقاتِلُ شَجَاعَةً ، ويُقاتِلُ حَمِيَّةً ويقاتِلُ رِياءً ، أَيُّ ذلِك في سَبِيلِ اللَّهِ؟ فَقَالَ رسول الله صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « مَنْ قاتَلَ لِتَكُون كلِمةُ اللَّهِ هِي الْعُلْيَا فهُوَ في سَبِيلِ اللَّهِ » مُتَّفَقٌ عليه 9- وعن أبي بَكْرَة نُفيْعِ بْنِ الْحارِثِ الثَّقفِي رَضِي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال: «إِذَا الْتقَى الْمُسْلِمَانِ بسيْفيْهِمَا فالْقاتِلُ والمقْتُولُ في النَّارِ» قُلْتُ : يَا رَسُول اللَّهِ ، هَذَا الْقَاتِلُ فمَا بَالُ الْمقْتُولِ ؟ قَال: «إِنَّهُ كَانَ حَرِيصاً عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ» متفقٌ عليه . __________________ __________________ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ

10- وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عنه قال: قال رسول الله صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : «صَلاَةُ الرَّجُلِ في جماعةٍ تزيدُ عَلَى صَلاَتِهِ في سُوقِهِ وَبَيْتِهِ بضْعاً وعِشْرينَ دَرَجَةً ، وذلِكَ أَنَّ أَحَدَهُمْ إِذا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ، ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِد لا يُرِيدُ إِلاَّ الصَّلاَةَ ، لا يَنْهَزُهُ إِلاَّ الصَّلاَةُ ، لَمْ يَخطُ خُطوَةً إِلاَّ رُفِعَ لَهُ بِها دَرجةٌ ، وَحُطَّ عَنْهُ بِهَا خَطيئَةٌ حتَّى يَدْخلَ الْمَسْجِدَ ، فَإِذَا دخل الْمَسْجِدَ كانَ في الصَّلاَةِ مَا كَانَتِ الصَّلاةُ هِيَ التي تحبِسُهُ ، وَالْمَلائِكَةُ يُصَلُّونَ عَلَى أَحَدكُمْ ما دام في مَجْلِسهِ الَّذي صَلَّى فِيهِ ، يقُولُونَ : اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ ، اللَّهُمَّ تُبْ عَلَيْهِ ، مالَمْ يُؤْذِ فِيهِ ، مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ » متفقٌ عليه ، وهَذَا لَفْظُ مُسْلمٍ . وَقَوْلُهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : «ينْهَزُهُ » هُوَ بِفتحِ الْياءِ وَالْهاءِ وَبالزَّاي : أَي يُخْرِجُهُ ويُنْهِضُهُ . 11- وَعَنْ أبي الْعَبَّاسِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَِّلب رَضِي الله عنهما، عَنْ رسول الله صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، فِيما يَرْوى عَنْ ربِّهِ ، تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ : «إِنَّ الله كتَبَ الْحسناتِ والسَّيِّئاتِ ثُمَّ بَيَّنَ ذلك : فمَنْ همَّ بِحَسَنةٍ فَلمْ يعْمَلْهَا كتبَهَا اللَّهُ عِنْدَهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عِنْدَهُ حسنةً كامِلةً وَإِنْ همَّ بهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ عَشْر حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِمَائِةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كثيرةٍ ، وَإِنْ هَمَّ بِسيِّئَةِ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كامِلَةً ، وَإِنْ هَمَّ بِها فعَمِلهَا كَتَبَهَا اللَّهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً» متفقٌ عليه . __________________ __________________ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ

الجزء الرابع والأخير ( من سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم


<%@ Page Language="C#" AutoEventWireup="true" CodeBehind="WebForm2.aspx.cs" Inherits="WebApplication2.WebForm2" %>
الجزء الرابع والأخير ( من سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم ) الجزء الرابع والأخير من سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم ************************************************** ************************************************** ***************** يوم حنين توجهت رسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الكفار والمشركين فى أرض هوازن وثقيف يدعونهم إلى الإيمان واتباع دين الإسلام .. فأعرضوا عن الإيمان وكان زعيمهم مالك بن عوف الأنصارى ( قبل إسلامه ) .. تأهب المسلمون بجمعهم وعددهم الغفير وعتادهم الوفير لحربهم وقتالهم .. نزلوا عند مدخل وادى أوطاس بأرض حنين ( بين مكة والطائف ) وقد أخذهم التيه والعُجب من جمعهم ولحقهم الخيلاء والغرور من كثرة عددهم وقوة عتادهم .. برز المشركون عليهم من كمائنهم كالجراد المنتشر والسيل المنحدر وكرّوا عليهم من مكامنهم متوشحين سيوفهم . ولّى المسلمون أمامهم مدبرين متقهقرين وضاقت عليهم الأرض بما رحبت واتسعت وكأن مسالكها قد أغلقت فى وجوههم وطرقاتها ودروبها قد أقفلت أمام أبصارهم لايجدون ملجأ ولا طريقاً أو سبيلاً للخروج منها .. { وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ }. آبوا وتابوا إلى الله .. واستغفروا الله من عجبهم وغرورهم ومن اختيالهم واغترارهم بما قد صاروا عليه من كثرة فى الأعداد وقوة فى العتاد .. علموا أن النصر من عند الله .. ليس بالكثرة فى الأعداد ولا بالقلة فى العتاد .. وأدركوا أنّ من يخذله الله فلا ناصر له ومن ينصره الله لا غالب له .. أنزل الله عليهم الأمن والسكينة والطمأنينة .. وأمدهم العزيز الوهاب بجنود من الملائكة يثبتونهم ويقاتلون معهم .. { ثُمَّ أَنَزلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَعذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ } قويت عزيمتهم واشتدت شوكتهم .. وأقدموا على الكفار وضربوا رقابهم وأعناقهم وغنموا أسلابهم وسبوا نساءهم ونصر الله عباده المؤمنين وألحق الهزيمة بالكفار والمشركين وفتح الله أرضهم للإسلام .. غزوة الطائف توجهت رسل رسول الله إلى أرض الطائف يدعون الكفار إلى الإيمان واتباع دين الإسلام .. فأعرضوا وتحصنوا فى الدور والثغور .. توجه إليهم مالك بن عوف الأنصارى ( بعد إسلامه ) وقام بمحاصرتهم .. قبل القتال تم إعادة بلاغهم : فاستجابوا للدعوة ولبوا النداء وآمنوا برسالة رب الأرض والسماء وأسلموا وحسُن إسلامهم .. صلح الحديبية خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مُحرماً هو وأصحابه رضى الله عنهم لأداء العمرة . وساقوا الهدى معهم . عند مهبط الحديبية علم النبى بخروج قريش لمنعه من دخول مكة وصدّه عن المسجد الحرام .. فكان ذلك إحصار .. نحر رسول الله صلى الله عليه وسلم هديه وأمر أصحابه بنحر هديهم فى مكان إحصارهم بالحديبية . يقول عز وجل : { فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ } أتى رسول من قريش يُدعى سهيل بن عمرو ( قبل إسلامه ) يطلب الهدنة من رسول الله والصلح وعدم القتال . أجابه رسول الله صلى الله عليه وسلم وتم إبرام العقد والعهد بين المسلمين والكفار . تم سريان العقد إلى أن نزل أمر الله بفتح مكة ونزول آية البراءة التى تبرأ الله ورسوله فيها من عقود وعهود المشركين باستثناء المدد والمهل التى تم منحها وإعطاؤها لهم . يقول جل شأنه فى سورة التوبة : { بَرَاءةٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ } . فتح مكة حُقّ وعد الله فى علمه وحان الأجل الذى سماه الله وأثبته فى حكمه بعودة رسول الله إلى موطنه ومكان مولده . { إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ } أمر الله نبيه ورسوله صلى الله عليه وسلم بفتح أم القرى مكة المكرمة .. دخلها رسول الله صلى الله عليه وسلم دون حرب أو قتال وتم هدم كل ما فيها من أحجار وأصنام ومحو كل النصب والأوثان وتم الإعلان والإشهار بأن المشركين والكفار نجسٌ فلايقربوا بيت الله الحرام بعد هذا العام .. { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـذَا } تم منح الكفار والمشركين مهلة مؤقتة ومحددة هى : ( أربعة أشهر ) . وقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذهبوا فأنتم الطلقاء ) متفق عليه .. أخبرهم رسول الله أنهم طلقاء أحرار لن يتم التعرض لهم خلال هذه المدة وأن لهم العهد والأمان .. يقول عز وجل : { فَسِيحُواْ فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ } وعقب انتهائها يكون لهم الخيار : إما الإيمان واتباع دين الإسلام . وإما حصارهم والترصد لهم وقتالهم وقتلهم .. { فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ } ومن كان له عهد مدته تزيد عن أربعة أشهر : تستكمل مدتهم بشرط : أن يكونوا ممن أوفوا ولم يخلوا بما قد تعهدوا به .. وألايكونوا ممن عاونوا أو ساندوا عدواً من الأعداء ضد المسلمين .. { إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظَاهِرُواْ عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّواْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ } ... جلا كل ضال عن المدينة المنورة ومحى الكفر والشرك عن مكة المكرمة وآمن الناس طواعية بدين الله وجاءوا إلى رسول الله أرسالاً ودخلوا فى دين الله أفواجاً .. وفرح المسلمون بالفتح العظيم وبنصر الله المبين .. غزو اليهود والنصارى تم دعوة اليهود إلى الإيمان واتباع دين الإسلام أو النزول على حكم الله ورسوله .. أقرت يهود بنى قريظة . ويهود بنى قينقاع . ويهود تيماء . ويهود طىء . ويهود بنى نبهان . ويهود فدك . ويهود وادى القرى بالتصالح على دفع الجزية وطلبوا العهد والأمان من رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وأما : يهود خيبر ويهود بنى النضير فلم ينزلوا على حكم الله ورسوله وأعرضوا عن الإسلام أو الإقرار بدفع الجزية .. تحصنوا فى أبراجهم وآطامهم ( البيوت المرتفعة والعالية ) وتقوقعوا خلف جدرهم وداخل ديارهم وأغلقوا الأبواب عليهم وقبعوا فى معاقلهم ووراء صياصيهم وأسوارهم .. أحاطهم المسلمون وضربوا عليهم الحصار استعداداً للحرب والقتال .. ثم نزلوا إلى ساحاتهم وهدموا حصونهم ودمروا آطامهم وزلزلوا ثغورهم ودكوا قلاعهم ودخلوا عليهم وفتحوا الأبواب ودمروا الأبراج وألقى الله الفزع والرعب فى قلوبهم فكانوا سبباً لخراب بيوتهم وديارهم .. ومن لاذ منهم بالفرار مولياً الأدبار بين الزروع والنخيل والأشجار تم قطعها عليهم للوصول إليهم .. يقول جل شأنه : { مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ } { هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَاظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ } غزوة مؤتة توجهت رسل رسول الله إلى نصارى الروم ( الإمبراطورية الرومانية ) فى أرض البلقاء بالشام يدعونهم إلى الإيمان واتباع دين الإسلام أو النزول على حكم الله ورسوله ( التصالح والإقرار بدفع الجزية ) .. آمنت قبائل بنو سليم وأشجع وغطفان وذبيان وفزارة .. وأعرض أمير بصرى وأبى التصالح والإقرار بدفع الجزية . تأهب المسلمون واستعدوا للنزال والقتال .. وتأهبت نصارى الروم بحشودها وجحافل جندها واصطفوا بعدتهم وعتادهم وصحائف رماحهم ودروعهم يساندهم قبائل لخم وجذام وبلى وبلقين وعذرة وبهراء وغيرهم .. نزل المسلمون بمكان يسمى "معان " ثم توجهوا إلى "مشارف " وعند "مؤتة " ( وهى مدينة بالقرب من الكرك ) بدأ القتال وحمى الوطيس وعظم النزال .. حمل المسلمون عليهم وتساقطت جند النصارى من على خيلهم وركبهم وتخضبت الأرض بدمائهم مابين صريع وطريح وقتيل وجريح عجل الله بأرواحهم إلى النار وبئس القرار .. كان زيد بن حارثة يقود جيش المسلمين منّ الله عليه بالشهادة فقادهم جعفر بن أبى طالب وبعد استشهاده قادهم عبد الله بن رواحة وقال لجند المسلمين إنّا لانقاتلهم بعدد ولا بكثرة إنما نقاتلهم بهذا الدين الذى أكرمنا الله به وإنها لإحدى الحسنيين إما نصر وظهور وإما شهادة .. تجلت فى هذه الغزوة فنون القتال وتم تقسيم الجيش إلى ميمنة وميسرة وإلى قلب وساق ومؤخرة يقودهم خالد بن الوليد ( بعد إسلامه ) .. هزمت النصارى وضربت رقابهم وسبيت نساؤهم وغنم المسلمون أسلابهم وفتح الله أرضهم للإسلام . غزوة تبوك توجهت رسل رسول الله إلى النصارى فى أرض تبوك وأيلة ودومة الجندل يدعونهم إلى الإسلام أو النزول على حكم الله ورسوله .. فأعرضوا عما أنذروا .. فاستعد المسلمون لقتالهم .. تسمى غزوة تبوك ب" غزوة العسرة أو الشدة " فقد كان الإستعداد لها فى أيام هجير الشمس ولهيبها وفى وقت شدة حرها ولظى وهجها .. حال التأهب والإستعداد أتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ضعفاء ومرضى .. وفقراء .. وأقوياء أشداء أغنياء ) . الضعفاء والمرضى : جاءوا يطلبون الإذن بالقعود عن الجهاد لعدم قدرتهم عليه لضعفهم ومرضهم فأذن لهم رسول الله . والفقراء : منهم من جاءوا إلى رسول الله وهم لايملكون عدة للقتال ولكنهم غير محبطين أو مثبطين لغيرهم عن القتال والجهاد .. ومنهم من طلبوا مايتجهزون به فأخبرهم النبى صلى الله عليه وسلم بعدم وجود ما يحملهم عليه فانصرفوا وقلوبهم تتفتر ألماً وحزناً وأعينهم تفيض دمعاً .. هؤلاء وهؤلاء لاحرج عليهم .. يقول عز وجل عنهم : { لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَاء وَلاَ عَلَى الْمَرْضَى وَلاَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ لِلّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ وَلاَ عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتوْكَ لِتحْمِلَهُمْ قُلْت لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ توَلَّواْ وَّأَعْيُنُهُمْ تفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنفِقُونَ } وأما الأشداء الأغنياء الأقوياء : فقد كانت بنيتهم قوية وأجسادهم فتية ومن ذوى الغنى واليسار .. جاءوا يطلبون الإذن من رسول الله فلم يأذن لهم رسول الله .. شغلتهم أموالهم أولادهم وكرهوا التضحية بأنفسهم فى سبيل الله .. تعللوا بلهيب الشمس وهجيرها وشدة حرها .. أخبرهم رسول الله أن عذاب جهنم والتصلية بجحيمها أشد وهجاً وحراً مما يتخوفون منه ويتقاعسون عنه .. { فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ اللّهِ وَكَرِهُواْ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَالُواْ لاَ تنفِرُواْ فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنمَ أَشَدُّ حَرّاً لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ } هب المسلمون للنزال والقتال .. وتخلف عنهم الأقوياء الأغنياء الأشداء وتخاذلوا عن الجهاد .. قبل بدء القتال : أتت رسل النصارى من أيلة وتبوك ودومة الجندل يطلبون العهد والأمان والتصالح والإقرار بدفع الجزية .. وتبعهم فى التصالح عليها أهل جرباء وأهل أذرح وأهل مقنا .. عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته دون حرب أو قتال .. جاء المتخلفون إلى الصحابة رضى الله عنهم يحلفون لهم بأيمان كاذبة ويقدمون لهم أسباباً وأعذاراً واهية عن سبب تخاذلهم وتقاعسهم عن الإستعداد للجهاد لكى يرضواْ عنهم ويرضى عنهم رسول الله .. { يَعْتذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتمْ إِلَيْهِمْ قُل لاَّ تعْتذِرُواْ لَن نؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ ترَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئكُم بِمَا كُنتمْ تعْمَلُونَ } فضح الله نفاقهم وكذبهم وكشف ما أخفوه فى قلوبهم .. وأمر الله نبيه ورسوله بأن لا يخرج أحداً منهم معه فى غزو أو قتال وأن لا يُصلى على أحد منهم إذا مات وأن لايتم الوقوف على قبره بعد موته أبداً .. فقال جل شأنه : { فَإِن رَّجَعَكَ اللّهُ إِلَى طَآئفَةٍ مِّنْهُمْ فَاسْتأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُل لَّن تخْرُجُواْ مَعِيَ أَبَداً وَلَن تقَاتلُواْ مَعِيَ عَدُوّاً إِنكُمْ رَضِيتم بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُواْ مَعَ الْخَالِفِينَ وَلاَ تصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّات أَبَداً وَلاَ تقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ إِنهم كَفَرُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ } وبين الله جزاؤهم وجزاء كل من كره وتخلف عن الجهاد والقتال فى سبيل الله لرفع راية دين الله .. وصفهم الله بأنهم أعراب فسقة ومنافقين كفرة يجب نبذهم والإعراض عنهم فهم لايعرفون حدود ما أنزل الله وأنهم رجس مأواهم عذاب أليم وفى نار جهنم خالدين .. يقول العزيز الحكيم : { فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمْ إِنهم رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنمُ جَزَاء بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِترْضَوْاْ عَنْهُمْ فَإِن ترْضَوْاْ عَنْهُمْ فَإِن اللّهَ لاَ يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفَاقاً وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُواْ حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى رَسُولِهِ } غزوة الأحزاب ( الخندق ) تحزبت الأحزاب ( من الكفار والمشركين ومن اليهود والنصارى والمنافقين ) من قريش وغطفان ومن بنى وائل وبنى أسد وفزارة وأشجع ومن يهود بنى النضير ويهود بنى مرة .. يساندهم ويعاونهم يهود بنى قريظة (كان ليهود بنى قريظة عهد وأمان أعطاهم له رسول الله صلى الله عليه وسلم لإقرارهم بالجزية ولكن بمساندتهم ومظاهرتهم للأحزاب فقد نقضوا العهد والأمان مع رسول الله ) .. تحزب هؤلاء الأحزاب مجتمعين لحرب وقتال رسول الله وأصحابه بالمدينة .. علم رسول الله صلى الله عليه وسلم بتحزبهم .. فقام هو وأصحابه بحفر خندق حول المدينة .. تأهب رسول الله وتأهب المسلمون للدفاع عن المدينة .. أخذوا أماكنهم ومواضعهم فى المرابضة والمراقبة ( مواضع المرابضة هى مواضع المساجد السبعة ) . أتى الأحزاب بخيلهم وركبهم وركابهم وبجحافل جيوش جندهم من كل حدب وصوب .. جاءوا بحدهم وحديدهم وبكثرة عددهم وقوة عتادهم وقاموا بتطويق المسلمين من حول الخندق والمدينة ومن أعلى الوادى وأسفله .. اضطربت قلوب المسلمين وزاغت أبصارهم وتزلزلت نفوسهم وغلبهم اليأس والقنوط وخارت قواهم وأصابهم البلاء والإبتلاء وأخذتهم الحيرة والشك والظنون من استحالة النصر على هؤلاء الأعداء أو إلحاق الهزيمة بهم .. { إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً } صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فوق إحدى الصخرات ( وهى الصخرة التى بنى أعلى موضعها مسجد الفتح ) ودعا الله أن يفرق جمعهم وأن يشتت شملهم وقال : ( اللهم إنى أسألك عهدك ووعدك ) متفق عليه . أرسل الله عليهم ريحاً عقيمة زلزلت أجسادهم واقتلعت نفوسهم وألقت الفزع والرعب فى قلوبهم وبثت الهلع والذعر بينهم .. وأنزل الله ملائكة من السماء لتثبيت نفوس المؤمنين وبث الأمن والطمأنينة فى قلوبهم . {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا } لاذوا بالفرار منكوبين مدحورين وولّوا مدبرين مهزومين .. ونصرالله عبده وأعز جنده . وهزم الأحزاب وحده .. خذلهم الله وخذل من ظاهرهم وساندهم وكل من عاونهم وكفى الله المؤمنين شر الحرب والقتال .. يقول جل ذكره : { وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيّاً عَزِيزاً } ....... تأديب يهود بنى قريظة لما كانت يهود بنى قريظة قد نقضت العهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بممالأتها ومساندتها الأحزاب فقد وجب تأديبهم وإجلاؤهم عن أرضهم لنقضهم العهد مع رسول الله .. توجه المسلمون إليهم وقاموا بقتالهم وتدمير حصونهم وقلاعهم وتم تكبيل وأسر رجالهم وسبى نسائهم وطردهم وفتح بلادهم للإسلام . يقول سبحانه وتعالى : { وَأَنزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لَّمْ تَطَؤُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً } .................................................. .................................................. ************************************************** ************************************************** *******. سعيد شويل